الايراد الاول : ما طرحه بعض الْأَعاظم ، وخلاصته أمران :
أ ـ إن الحمل متقوم بشرط واقعي وهو الاتحاد المفهومي في الحمل الْأُولي والاتحاد الوجودي في الحمل الشائع ، فإذا تم هذا الشرط بين طرفين صح حمل أحدهما على الآخر بلا حاجة لاعتبار اللابشرط بل الحمل صحيح حتى ولو أخذ الطرفان بنحو البشرط لا ، وإذا لم يتحقق هذا الشرط فلا يصح الحمل وإن أخذ الطرفان بنحو اللابشرط ، إذن فالحمل انعكاس عن الواقع لا ينفصل عنه ولا يتأثر بتدخل الاعتبارات المختلفة فيه (١) .
ب ـ إن ما ذكره الحكماء في باب اعتبارات الماهية ، وهو أن الماهية قد تؤخذ بنحو اللابشرط وقد تؤخذ بنحو البشرط لا وقد تؤخذ بشرط شيء (٢) لا يمكن حمله على ظاهره ، وذلك لأَن ظاهره تغير الواقعيات بتغير الاعتبارات وهو مستحيل .
بيان ذلك : إن الاعتبار معناه الاختراع والفرض الذهني بهدف التأثير في مشاعر الآخرين وعواطفهم ، وهذا يتناسب مع العلوم الْأَدبية الذوقية وأما العلوم الحكمية الباحثة عن الحقائق الواقعية فلا مدخلية للاعتبارات فيها ، لأَن الاعتبار لا يغير من الواقع شيئاً فاعتبار الماهية لا بشرط أو بشرط لا لا يغير من حقيقتها شيئاً ، فلا بد أن يحمل الكلام على غير ظاهره ، وهو أن هذه الاعتبارات انعكاس عن الواقع نفسه ، فإن واقع الماهية أنها قد تكون منضمة للعوارض وهذا ما يسمى بالبشرط شيء وقد تكون مباينة لغيرها وهو البشرط لا وقد تكون خلواً من الاعتبارات في الذهن وهو اللابشرط ، لا أن هذه الحيثيات اعتبارات محضة وفرضيات ذهنية .
__________________
(١) تهذيب الْأُصول : ١ / ١٢٦ .
(٢) شرح المنظومة : ٢ / ٣٤٠ .