بالبساطة لا نرى مصححاً للحمل المذكور ، باعتبار اتحاد الطرفين مفهوماً ووجوداً ، فلا يصح حمل أحدهما على الآخر حملاً شائعاً بمجرد اعتبار اللابشرط ، فإنه اعتبار لا يولد التغاير المفهومي المعتبر في الحمل الشائع .
٣ ـ إن هذه الصياغات ـ نحو الوجود موجود ، ونحو البياض أبيض ـ صياغات فلسفية لا لغوية ولا عرفية ، بيان ذلك : أن الفلاسفة حينما قرَّروا عدم صحة الحمل الشائع إلّا بالاتحاد الوجودي والتغاير المفهومي اصطدموا ببعض صور الحمل الشائع التي لا تتوفر على الشرطين المذكورين نحو الجسم أبيض ، فإن الجسم والبياض أمران متغايران مفهوماً ووجوداً فكيف يتصور الاتحاد الوجودي بينهما ؟ ! لذلك ذهبوا الى أن مثل هذا الحمل مشتمل على الاتحاد الوجودي العرضي الراجع للاتحاد الوجودي الذاتي ، حيث إن ما بالعرض لا بد وأن يعود لما بالذات ، فيعود قولنا الجسم أبيض لقولنا البياض أبيض ، فإن بياض الجسم بالبياض وبياضية البياض بذاته لا ببياضٍ آخر .
والحاصل : أن هذه الْأَمثلة إنما طرحها الفلاسفة لتصوير الاتحاد الوجودي بين الطرفين في مثل قولنا زيد موجود والجسم أبيض ، وليست أمثلة مأخوذة من اللغة والعرف حتى يكون مفهومها ذا مدخلية في تحديد مفهوم المشتق بساطة وتركيباً ، فعدم تصور التركيب في مثل هذه الْأَمثلة الفلسفية لا يعني القول بالبساطة في الْأَمثلة اللغوية والعرفية .
الايراد الثاني : ما في كلمات المحقق النائيني ( قده ) من لغوية أخذ الذات في مفهوم المشتق (١) ، وبيانه يتم بأمرين :
أ ـ إنّ المنطلق الذي انطلقت منه الحركة اللغوية هو الحاجة للتفهيم والتفهم ، ومقتضاه عدم حشوية اللغة وزيادتها على مقدار حاجة التفهيم
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٦٤ ـ ٧٨ .