ليست مصداقاً للتحديد السابق للفكر ، وهو « ترتيب أمور . . . » ، باعتبار تماميتها بأمر واحد وهو الفصل وحده بدون حاجة لترتيب أمور ، فالتعريف المطروح للفكر غير جامع .
ثم أجاب الشارح عن اعتراضه بأن الفصل كالناطق ـ مثلاً ـ وإن كان بحسب التصور الادراكي أمراً واحداً إلّا أنه بحسب التحليل العقلي ينحل لأَمرين شيءٍ ونطق ، فترتيب هذين الْأَمرين ذهناً للتوصل الى المجهول مصداق لقوله الفكر « ترتيب أمور للتوصل الى مجهول » . ولكن المحقق الشريف أشكل على جواب الشارح : بأن مفهوم الناطق إذا كان بسيطاً فلا محذور في ذلك ، وإذا كان مركباً من الشيء والنطق فإما أن يراد بالشيء الذي هو جزءه مفهوم الشيء فيلزم من ذلك دخول العرض العام ـ وهو مفهوم الشيء ـ في الفصل وهو مستحيل ، لأَن الفصل جوهر بسيط لا يدخل فيه حتى الجنس فضلاً عن العرض العام ، باعتبار أن نسبة الفصل للجنس نسبة العلة المحصلة للمعلول ، ولا يعقل كون المعلول جزءاً من العلة . لذلك قال المناطقة بأن الجنس جنس للنوع لا للفصل ، فلا يكون دخيلاً فيه فضلاً عن دخول العرض العام فيه ، فإن الفصل من الذاتيات والعرض العام من العرضيات ، فكيف يكون العرضي جزءاً من الذاتي ؟ !
وإما أن يراد بالشيء مصداقه فيلزم انقلاب القضية الممكنة للقضية الضرورية ، فإن قولنا الانسان كاتب إذا انحل بالتأمل العقلي إلى قولنا الإِنسان إنسان له الكتابة دخل في القضايا الضرورية ، باعتبار أن ثبوت الشيء لنفسه ضروري وسلبه عنه ممتنع ، والنتيجة هي بساطة المشتق لا تركيبه (١) .
وعندنا عدة ملاحظات على هذا الايراد بكلا شقيه ، أما ملاحظاتنا على
__________________
(١) حاشية الشريف علىٰ المطالع : ١١ .