يتوهم من عبارة الحكيمين السبزواري (١) وصاحب الْأَسفار (٢) ، فإن الضرورة بشرط المحمول تعني التقييد الاثباتي بغض النظر عن عالم الخارج ، بينما الوجوب اللاحق يعني نفس الوجود الخارجي الطارد للعدم بغض النظر عن عالم الاثبات ، فبينهما فرق واضح .
الصورة الثانية : وهي المطابقة للنسخة المصححة عند المحقق الاصفهاني ( قده ) الراجعة للمورد الثاني من موارد الانقلاب ، وهو كون الجهة جزءاً من المحمول . وبيان ذلك يتم بذكر أمور :
١ ـ لا فرق بين النسبة التامة ـ وهي التي يصحّ السكوت عليها ـ كقولنا الانسان كاتب ، والنسبة الناقصة كالنسبة التقييدية في قولنا الانسان الكاتب ، إلّا بالتعدد اللحاظي الراجع لنظرية التكثر الادراكي ، فإن الذهن تارة يلاحظ الوصف والموصوف على نحو الانفصالية وتعدد الوجود فهذا هو ميزان النسبة التامة ، وتارة يلاحظهما على نحو الاندماجية ووحدة الوجود فهذا هو معيار النسبة الناقصة ، فالنسبتان حقيقة واحدة متعددة اللحاظ .
وهذا هو السر في تحقق الضرورة بشرط المحمول ، لأَننا عندما نقول : ( زيد الكاتب ) على نحو النسبة الناقصة ثم نقول : ( كاتب ) على نحو النسبة التامة فقد كرَّرنا معنى واحداً بلحاظ متعدد ، وأسندنا الشيء ـ وهو : كاتب ـ الى نفسه ـ وهو : الإِنسان الكاتب ـ وإسناد الشيء الى نفسه ضروري وسلبه عنه ممتنع ، فتتحقق بذلك القضية الضرورية بشرط المحمول . إذن مناط الضرورة بشرط المحمول هو : قيام الذهن بتصور النسبة الوصفية على لونين : لون الاندماج ولون التفصيل ، ثم نسبة أحدهما للآخر وربطه به . وليس المناط
__________________
(١) شرح المنظومة ٢ : ٢٧٥ .
(٢) الاسفار ١ : ٢٢٤ .