أرجعوا جميع القضايا إلىٰ قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له ، فلما كان عنوان الموضوع ـ بحسب اصطلاحهم ـ قائماً مقام جملة الشرط صار عقد الوضع عبارة عن توصيف إخباري محتاج لجهة من الجهات ، إذن فلا دلالة في اختلافهم في جهة عقد الوضع على حاجة كل نسبة للجهة ، ولو كانت نسبة ناقصة وتوصيفاً تقييدياً .
هذا تمام تعليقنا على الشق الْأَول من التركيب ، وهو تركيب المشتق من مفهوم الشيء والحدث .
وأما تعليقنا على الشق الثاني ـ وهو تركيب المشتق من مصداق الشيء والحدث ـ فهو : أن محذور الانقلاب مستحكم فيه ، بلحاظ أن الموصوف بالحدث جزئي الشيء ، والجزئي ـ كما ذكرنا في الْأَمر السابق ـ غير قابل للتقييد ، فتوصيفه لا محالة توصيف إخباري لا توصيف تقييدي ، والتوصيف الإِخباري يستلزم وجود نسبة متقومة بطرفين مستقلين ، فلا بد له من جهة من الجهات ، ولا يتطابق معها الا الجهة المذكورة في القضية ، كجهة الامكان ـ مثلاً ـ في قولنا : ( الانسان كاتب بالامكان ) ، وحينئذٍ تتحول الجهة الامكانية الى كونها جزءاً من المحمول ، والمحمول بتمامه ـ من موصوف ووصف وتوصيف ـ يحتاج لجهة أُخرى ، وليست الا الضرورة ، ونتيجة ذلك هو انقلاب القضية الممكنة للقضية الضرورية ، فما ذكره صاحب الفصول من دعوى الانقلاب ـ بناءاً على القول بالتركيب ـ صحيح وتام بالنسبة للشق الثاني ، وغير تام بالنسبة للشق الْأَول منهما .
ج ـ إن الجزئي المأخوذ في مدلول المشتق إما أن يراد به الجزئي الحقيقي وإما أن يراد به الجزئي الاضافي ، فإن كان المراد هو الجزئي الحقيقي فمحذور انقلاب الممكنة للضرورية وارد عليه ، الَّا أنه احتمال باطل في نفسه ، وذلك إما لاستلزامه المحال العادي وإما لمنافاته للوجدان العرفي .