العلم والعلمي ، فأثار الشيخ حركة تنهج الاعتدال والتوسط بين هاتين المدرستين ، وهي المدرسة التي تعتمد على الأدلة القطعية العقلية من جهة وهي المندرجة تحت عنوان القطع والأدلة الظنية السمعية من جهة أخرى وهي المندرجة تحت عنوان الظن ، والرجوع عند فقدهما للأصل العملي المجعول وظيفة عند الشك .
وثانياً : إن المكلف يشعر في أعماق وجدانه بالحاجة للتأمين من عقوبة ترك التكاليف الواقعية فهدفه المنشود هو حصول الأمن المذكور ، وطرق التأمين بحسب التقسيم الوجداني ثلاثة :
١ ـ ما هو علة تامة لحصول الأمن وهو القطع .
٢ ـ ما هو مقتضى لحصول الأمن النفسي وهو الظن .
٣ ـ ما هو فاقد للعلية التامة والاقتضاء وهو الشك فتحتاج طريقيته للتأمين للرجوع إلى القطع وهو الطريق الأول .
والخلاصة أن أمثال هذه المبررات ساعدت الشيخ على اختيار التصنيف الثلاثي .
الاعتراض الثاني على منهج القدماء : ما طرحه المحقق الاصفهاني ( قده ) حول التوسع الأصولي في مباحث الألفاظ (١) ، ونحن نعرضه بنحو أعمق وأشمل ، فنقول : إن ما يرتبط من البحوث بعالم الألفاظ نزر ضئيل جداً ، كقولنا هل أن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب ، وهل أن صيغة النهي ظاهرة في الحرمة ، وبعض بحوث المفاهيم والعام والخاص والمطلق والمقيد ، ولكن معظم الأبحاث التي وضعها القدماء في مباحث الألفاظ لا ربط لها بذلك ، فمثلاً بحث انقسام الحكم للتكليفي والوضعي وانقسام الواجب للواجب التوصلي
__________________
(١) أصول الفقه للمظفر ١ : ٧ ـ ٨ ، بحوث في الأصول للمحقق الاصفهاني : ٢٢ .