وأما مثال المفردات فهو لفظ العلم والظن والشك ، فلفظ العلم في اللغة العربية يعني البصيرة والوضوح لكن في مقام ترجمة الفلسفة تحول مدلوله للاعتقاد الجازم ، وأصبح الأصوليون والفقهاء يحملون النصوص المتضمنة للفظ العلم على هذا المعنى مع أنه اصطلاح حادث .
كذلك لفظ الظن فهو في اللغة العربية والقرآن الكريم بمعنى الاعتقاد الذي لا يستند لدليل لكنه تحول لمعنى الاعتقاد الراجح عند ترجمة الفلسفة اليونانية ، ولفظ الشك يعني مقابل اليقين لكن معناه الشائع الآن هو تساوي الاحتمالين .
والحاصل أن بعض المفردات والمركبات اللغوية اكتسبت مدلولاً جديداً عند دخول الفلسفة إلى اللغة العربية ، واعتمد الأصوليون عند استعمال هذه المفردات على مدلولاتها الفلسفية لا على مدلولاتها اللغوية ، وهذا مما يؤدي إلى اختلاط المعاني عند استنطاق النصوص والروايات .
من أهم نتائج تأثر الأصول بالفلسفة وقوع الخلط بين القوانين التكوينية والاعتبارية وأمثلتنا على ذلك كثيرة ، منها :
أ ـ القول بامتناع الشرط المتأخر لاستحالة تقدم المعلول على علته زماناً مع أن الشرط المتأخر من الاعتباريات لا من التكوينيات .
ب
ـ استحالة القول بالكشف الانقلابي في الإِجازة المتأخرة عن البيع الفضولي ، حيث ذهب بعض العلماء للقول بالنقل وذهب بعضهم للقول بالكشف الحقيقي وبعضهم للقول بالكشف الحكمي وذهب البعض الآخر وهو مسلكنا أيضاً ـ للقول بالكشف الانقلابي ، بمعنى الالتزام بملكية المالك للمبيع واقعاً إلى حين الاجازة وبحصولها ينكشف حصول الملك للمشتري منذ البيع ، وبذلك يحصل انقلاب في الملكية ما بين زمان البيع وزمان الاجازة ولهذا