المبحث الأول علم الأصول عند المدرسة الإِمامية
اختلفت المدرستان ـ مدرسة المحدثين ومدرسة الاُصوليّين ـ في قيمة علم الأصول عند علماء الإِمامية ومدى اهتمامهم به على مدى التاريخ الفقهي ، ونحن لا نريد الخوض في هذا البحث بتمام فصوله ، لعدم ارتباطه بهدفنا وهو تقديم أطروحتنا العامة في علم الأصول ، ولكن من باب التمهيد للدخول في صميم البحوث الأصولية نستعرض بعض الجوانب المفيدة في تجلية واقع علم الأصول وأهميته التاريخية والفعلية بالنسبة للفقيه ، ونبدأ ذلك بعرض عبارات من كتاب هداية الأبرار للكركي نقلاً عن القطيفي (١) ـ أحد مشائخ صاحب الوسائل ـ قال : « فاعلم أن علم الأصول ملفق من علوم عدة ومسائل متفرقة بعضها حق وبعضها باطل ، وضعه العامة لقلة السنن عندهم الدالة على الأحكام » ، وقال : « ولم يكن للشيعة في أصول الفقه تأليف لعدم احتياجهم إليه ، لوجود كل ما لا بد منه من ضروريات الدين ونظرياته في الأصول المنقولة عن أئمة الهدى ، إلى أن جاء ابن الجنيد فنظر في أصول العامة وأخذ عنهم وألّف الكتب على ذلك المنوال حتى أنه عمل بالقياس » . وهذا الكلام ينحل لثلاث دعاوى :
١ ـ إنكار استقلالية علم الأصول ، بل هو بنظره مجموعة من المسائل الملفقة .
٢ ـ إن الواضع الأول لعلم الأصول هم العامة ، وأول من ألّف فيه من
__________________
(١) هداية الابرار ٢٣٣ و ٢٣٤ .