واقعة الغدير
أجمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الخروج إلى الحجّ في سنة عشْرٍ من مُهاجره ، وأذّن في الناس بذلك ، فقدم المدينة خلق كثير يأتمّون به في حِجّته تلك التي يُقال (١) عليها حجّة الوداع ، وحجّة الإسلام ، وحجّة البلاغ ، وحجّة الكمال ، وحجّة التمام (٢) ، ولم يحجّ غيرها منذُ هاجر إلىٰ أن توفّاه الله ، فخرج صلىاللهعليهوآلهوسلم من المدينة مغتسلاً متدهِّناً مترجِّلاً متجرِّداً في ثوبينِ صُحاريّين (٣) : إزارٍ ، ورداء ، وذلك يوم السبت لخمسِ ليالٍ أو ستٍّ بقينَ من ذي القِعْدة ، وأخرج معه نساءه كلّهنّ في الهوادج ، وسار معه أهل بيته وعامّة المهاجرين والأنصار ، ومن شاء الله من قبائل العرب وأفناء (٤) الناس (٥).
وعند خروجه صلىاللهعليهوآلهوسلم أصاب الناس بالمدينة جُدَريٌّ ـ بضم الجيم وفتح الدال
___________________________________
(١) الظاهر أنّه قدسسره ضمّن ( قال ) معنىٰ ( يطلق ) فعدّاه بـ ( علىٰ ).
(٢) الذي نظنّه ـ وظنّ الألمعيّ يقين ـ أنَّ الوجه في تسمية حِجّة الوداع بالبلاغ هو نزول قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) الآية ، كما أنَّ الوجه في تسميتها بالتمام والكمال هو نزول قوله سبحانه : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) الآية. ( المؤلف )
(٣) صُحار : مدينة عمان أو قصبة عمان ممّا يلي الجبل ، وتوأم قصبتها ممّا يلي الساحل. معجم البلدان : ٣ / ٣٩٣.
(٤) أفناء : واحدهُ فنو أي أخلاط ، ورجل من أفناء القبائل أي لا يدرىٰ من أيّ قبيلة هو.
(٥) الطبقات لابن سعد : ٣ / ٢٢٥ [ ٢ / ١٧٣ ] ، إمتاع المقريزي : ص ٥١٠ ، إرشاد الساري : ٦ / ٤٢٩ [ ٩ / ٤٢٦ ]. ( المؤلف )