فقال عمرو : حقٌّ وأنا أزيدك : إنَّه ليس أحدٌ من صحابة رسول الله له مناقب مثل مناقب عليٍّ !
ففزِع الفتىٰ. فقال عمرو : إنَّه أفسدها بأمره في عثمان. فقال برد : هل أمر أو قتل ؟ قال : لا ، ولكنّه آوىٰ ومنع. قال : فهل بايعه الناس عليها ؟ قال : نعم. قال : فما أخرجك من بيعته ؟ قال : اتّهامي إيّاه في عثمان. قال له : وأنت ـ أيضاً ـ قد اتُّهِمتَ. قال : صدقتَ ، فيها خرجتُ إلىٰ فلسطين.
فرجع الفتىٰ إلىٰ قومه ، فقال : إنَّا أتينا قوماً أخذنا الحجّة عليهم من أفواههم ؛ عليٌّ على الحقّ فاتّبعوه.
ـ ١٢ ـ احتجاج عمرو بن العاص علىٰ معاوية بحديث الغدير
ذكر الخطيب الخوارزميّ الحنفيّ في المناقب (١) ( ص ١٢٤ ) كتاباً لمعاوية كتبه إلىٰ عمرو بن العاص يستهويه لنصرته في حرب صفّين ، ثمّ ذكر كتاباً لعمرو مُجيباً به معاوية ـ وستقف على الكتابين في ترجمة عمرو بن العاص ـ ومن كتاب عمرو قوله :
وأمّا ما نسبتَ أبا الحسن أخا رسول الله ووصيّه إلى البغي والحسد علىٰ عثمان وسمّيت الصحابة فسَقةً ، وزعمت أنَّه أشلاهم (٢) علىٰ قتله ، فهذا كذب وغواية.
ويحك يا معاوية ، أما علمت أنَّ أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبات علىٰ فراشه ؟! وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة ، وقد قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « هو منّي وأنا منه ». و « هو منّي بمنزلة هارون من موسىٰ إلّا أنَّه لا نبيّ بعدي ».
وقال في يوم غدير خُمّ : « ألا من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ،
___________________________________
(١) المناقب : ص ١٩٩ ح ٢٤٠.
(٢) أشلاهم عليه : أغراهم به.