ـ البداية والنهاية ـ تنمُّ عن لسانه البذيِّ ، ويده الجانية علىٰ ودائع النبيّ الأعظم فضائل آل الله ، وعن قلبه المحتدم بعدائهم ، فتراه يسبُّ ويشتم من والاهم ويمدح ويثني علىٰ من ناواهم ، وينبز الصحاح من مناقبهم بالوضع ، ويقذف الراوي لها على ثقته بالضعف ، كل ذلك تحكّماً منه بلا دليل ، ويحرِّف الكَلِم عن مواضعها ، ولو ذهبنا لنذكر كلَّ ما فيه من هذا القبيل لجاء منه كتاب ضخم ، وحسبك من تحريفه ما ذكره من حديث بدء الدعوة النبويّة عند نزول قوله تعالى : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (١) قال في تاريخه (٢) ( ٣ / ٤٠ ) بعد ذكر الحديث الوارد في الآية الشريفة من طريق البيهقي :
وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن محمد بن حميد الرازي ... وساق إلىٰ آخر السند ثمّ قال : وزاد بعد قوله :
« وإنّي قد جئتُكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوَكم إليه ، فأيُّكم يُؤازرني علىٰ هذا الأمر علىٰ أن يكون أخي وكذا وكذا ؟ قال :
فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت ـ وَلَأنّي لَأحدثهم سنّاً وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم ساقاً ـ : أنا يا نبيَّ الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ، فقال : إنَّ هذا أخي وكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا.
قال : فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتُطيع ».
وبهذا اللفظ ذكره في تفسيره ( ٣ / ٣٥١ ) ، وقال : وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن ابن حميد ... إلىٰ آخره حرفيّاً.
وها نحن نذكر لفظ الطبريِّ بنصِّه حتىٰ يتبيّن الرشد من الغيِّ :
___________________________________
(١) الشعراء : ٢١٤.
(٢) البداية والنهاية : ٣ / ٥٣.