سورة المائدة والفتح ـ يعني سورة النصر ـ ونقل من طريق أحمد والحاكم والنسائي عن عائشة : أنَّ المائدة آخر سورة نزلت.
وبهذه كلّها تعرف قيمة ما رواه القرطبي في تفسيره (١) ( ٦ / ٢٤٤ ) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (٢) ( ص ١١٧ ) من طريق ابن مردويه والطبراني عن ابن عبّاس من أنَّ أبا طالب كان يرسل كلَّ يوم رجالاً من بني هاشم يحرسون النبيّ حتىٰ نزلت هذه الآية ( وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، فأراد أن يرسل معه من يحرسه ، فقال : « يا عمّ إنَّ الله عصمني من الجن والإنس ».
فإنّه يستدعي أن تكون الآية مكية ، وهو أضعف من أن يقاوم الأحاديث المتقدّمة والإجماع الآنف ونصوص المفسِّرين.
قال القرطبي في تفسيره (٣) ( ٦ / ٢٤٢ ) في قوله تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) :
هذا تأديب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وتأديب لحَمَلة العلم من أمّته ألّا يكتموا شيئاً من أمر شريعته ، وقد علم الله تعالىٰ من أمر نبيّه أنَّه لا يكتم شيئاً من وحيه ، وفي صحيح مسلم(٤) عن مسروق عن عائشة أنَّها قالت : من حدّثك أنَّ محمداً صلىاللهعليهوسلم كتم شيئاً من الوحي فقد كذب ، والله تعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ ) الآية.
وقبّح الله الروافض حيث قالوا : إنَّه عليهالسلام كتم شيئاً ممّا أَوحى الله إليه كان بالناس حاجة إليه. انتهىٰ.
___________________________________
(١) الجامع لأحكام القرآن : ٦ / ١٥٨.
(٢) لباب النقول في أسباب النزول : ص ٨٣.
(٣) الجامع لأحكام القرآن : ٦ / ١٥٧.
(٤) صحيح مسلم : ١ / ٢٠٨ ح ٢٨٧ كتاب الإيمان.