محاكمة حول سند الحديث
( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ) (١)
لقد أوقفك البحث والتنقيب البالغان علىٰ زُرافات من علماء الأمّة وحفّاظ الحديث ورؤساء المذهب ـ السنّة والجماعة ـ رووا حديث الغدير ، وأخبتوا وسكنوا إليه ، وعلىٰ آخرين زووا عنه كلّ ريبة وشكّ ، وحكموا بصحّة أسانيد جمّة من طرقه ، وحسن طرق أخرىٰ ، وقوّة طائفة منها ، وهناك أُمّة من فطاحل العلماء حكموا بتواتر الحديث ، وشنّعوا علىٰ من أنكر ذلك ، ولقد علمت أنَّ من رواه من الصحابة في ما وقفنا علىٰ روايته مائة وعشرة صحابي ، ومرَّ ( ص ١٥٥ ) أَنَّ الحافظ السجستاني رواه عن مائة وعشرين صحابياً ، وأَسلَفْنا ( ص ١٥٨ ) عن الحافظ أبي العلاء الهمداني : أنَّه رواه بمائتين وخمسين طريقاً ، وعليه فقس رواية التابعين ومن بعدهم في الأجيال المتأخّرة ، فلن تجد فيما يُؤثر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حديثاً يبلغ هذا المبلغ من الثبوت واليقين والتواتر.
وقد أفرد شمس الدين الجزري المترجم ( ص ١٢٩ ) رسالة في إثبات تواتره ، ونسب منكره إلى الجهل ، فهو كما مرّ ( ص ٣٠٧ ) عن الفقيه ضياء الدين المقبلي : إن لم يكن معلوماً فما في الدين معلومٌ. و ( ص ٢٩٥ ) عن العاصمي : حديثٌ تلقّته الأمّة
___________________________________
(١) المائدة : ٤٩.