إذا تفكّرتُ فيهِ ظَلْتُ ألعنُهُ |
|
وألعنُ الكلبَ عمرانَ بنَ حطّانا |
علىٰ أنَّ قتل الإمام المجتبىٰ لابن ملجم وتقرير المسلمين له على ذلك صحابيّهم وتابعيّهم ، حتىٰ إن كلَّ أحدٍ منهم كان يودُّ أنَّه هو المباشر لقتله ، يدلّنا علىٰ أنَّ فعل اللعين لم يكن ممّا يتطرّق إليه الاجتهاد فضلاً عن أن يبرّره ، ولو كان هناك اجتهاد فهو في مقابلة النصوص المتضافرة ، فكان من الصالح العامّ لكافّة المسلمين اجتياح تلك الجرثومة الخبيثة ، وهو واجب أيِّ أحد من الأمّة الإسلاميّة ، غير أنَّ إمام الوقت السيِّد المجتبىٰ تقدّم إلىٰ تلك الفضيلة كتقدّمه إلىٰ غيرها من الفضائل.
فليس هو من المواضيع التي حرّرها ابن حزم فتحكّم أو تهكّم على الشافعية والحنفيّة والمالكيّة ، وإنَّما هو من ضروريّات الإسلام في قاتل كلِّ إمامِ حقٍّ ، ولذلك ترى أنَّ القائلين بإمامة عمر بن الخطاب لم يشكّوا في وجوب قتل قاتله ، ولم يرَ أحد منهم للاجتهاد هناك مجالاً ، كما سيأتي في كلام ابن حزم نفسه : أنَّه لم يرَ له مجالاً لقَتَلَة عثمان.
فشتّان بين ابن حزم وبين ابن حجر ، هذا يبرِّر عمل عبد الرحمن ، وذاك يعتذر عن ذكر اسمه في كتابه لسان الميزان (١) ، ويصفه بالفتك وأنَّه من بقايا الخوارج في تهذيب التهذيب (٢) ( ٧ / ٣٣٨ ).
وابن حجر في كلامه هذا اتّبع أثر الحافظ أبي زرعة العراقيِّ في قوله في طرح التثريب ( ١ / ٨٦ ) :
انتدب له ـ لعليٍّ ـ قومٌ من الخوارج فقاتلهم فظفر بهم ثمّ انتدب له من بقاياهم أشقى الآخرين عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، وكان فاتكاً ملعوناً فطعنه.
___________________________________
(١) لسان الميزان : ٣ / ٥٣٤ رقم ٥٠٧٧.
(٢) تهذيب التهذيب : ٧ / ٢٩٧.