وهو بنفسه يقول في الفِصَل ( ٣ / ٢٥٧ ) : وأمّا من سبّ أحداً من الصحابة رضياللهعنهم فإن كان جاهلاً فمعذور ، وإن قامت عليه الحجة فتمادىٰ غير معاند فهو فاسق ، كمن زنىٰ وسرق ، وإن عاند الله تعالىٰ في ذلك ورسوله صلىاللهعليهوسلم فهو كافر ، وقد قال عمر رضياللهعنه بحضرة النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن حاطب ـ وحاطب مهاجر بدريٌّ ـ : دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فما كان عمر بتكفيره حاطباً كافراً ، بل كان مخطئاً متأوّلاً ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم « آية النفاق بغض الأنصار ». وقال لعليّ : « لا يبغضك إلّا منافق ». انتهى.
وكم عند ابن حزم من المجتهدين نظراء عبد الرحمن بن ملجم وأبي الغادية حَكم في الفِصَل بأنّهم مجتهدون ، وهم مأجورون فيما أخطؤوا ، قال في ( ٤ / ١٦١ ) : قطعنا أنَّ معاوية رضياللهعنه ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجراً واحداً !!
وعدّ في ( ص ١٦٠ ) معاوية وعمرو بن العاص من المجتهدين. ثمّ قال : إنَّما اجتهدوا في مسائل دماء كالتي اجتهد فيها المفتون ، وفي المُفتين من يرىٰ قتل الساحر ، وفيهم من لا يراه ، وفيهم من يرىٰ قتل الحرّ بالعبد ، وفيهم من لا يراه ، وفيهم من يرىٰ قتل المؤمن بالكافر ، وفيهم من لا يراه ، فأيُّ فرق بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما لولا الجهل والعمىٰ والتخليط بغير علم ؟ انتهىٰ.
وشتّان بين المُفتين الذين التبست عليهم الأدلّة في الفتيا ، أو اختلفت عندهم بالنصوصيّة والظهور ولو بمبلغ فهم ذلك المُفتي ، أو أنَّه وجد إحدى الطائفتين من الأدلّة أقوىٰ من الأخرىٰ لصحّة الطريق عنده أو تضافر الإسناد ، فجنح إلىٰ جانب القوّة ، وارتأىٰ مقابله بضرب من الاستنباط تقوية الجانب الآخر ، فأفتىٰ كلٌّ علىٰ مذهبه. كلّ ذلك إخباتاً إلى الدليل من الكتاب والسنّة.
فشتّان بين هؤلاء
وبين محاربي عليّ عليهالسلام ، وبمرأى الملأ الإسلامي ومسمعهم كتاب الله العزيز ، وفيه آية التطهير الناطقة بعصمة النبيّ وصنوه وصفيّته وسبطيه ،