الفصل في معاوية وعمرو بن العاص ، فعليك بما في طيّات كتب التاريخ من كلماتهما ، وسنوقفك علىٰ ما يبيِّن الرشد من الغيّ في ترجمة عمرو بن العاص ، وعند البحث عن معاوية في الجزء العاشر.
هذا مجمل القول في آراء ابن حزم وضلالاته وتحكّماته ، فأنت ـ كما يقول هو ـ لو لا الجهل والعمىٰ والتخليط بغير علم ، لوجدتَ الرأي العامّ في ضلاله قد صدر من أهله في محلّه ، وليس هناك مجال نسبة الحسد والحَنَق إلى من حكم بذلك من المالكيّين أو غيرهم ، ممّن عاصره أو تأخّر عنه ، وكتابه الفِصَل أقوىٰ دليل علىٰ حقِّ القول وصواب الرأي.
قال ابن خلّكان في تاريخه (١) ( ١ / ٣٧٠ ) : كان كثير الوقوع في العلماء المتقدِّمين لا يكاد أحد يسلم من لسانه ، قال ابن العريف : كان لسان ابن حزم وسيف الحجّاج شقيقين ، قاله لكثرة وقوعه في الأئمّة ، فنفرت منه القلوب ، واستهدف لفقهاء وقته ، فتمالؤوا علىٰ بغضه ، وردّوا قوله ، واجتمعوا علىٰ تضليله ، وشنّعوا عليه ، وحذّروا سلاطينهم من فتنته ، ونهوا عوامّهم من الدنوِّ إليه ، والأخذ عنه ، فأقصته الملوك ، وشرّدته عن بلاده ، حتى انتهىٰ إلىٰ بادية لبلة (٢) ، فتوفّي بها في آخر نهار الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ستّ وخمسين وأربعمائة.
( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ) (٣)
___________________________________
(١) وفيات الأعيان : ٣ / ٣٢٧ رقم ٤٤٨.
(٢) فتح اللامين من بلاد الأندلس. ( المؤلف )
(٣) الزّمر : ١٩.