وأنا لا أدري ما المراد من الكتب الأصليّة من اللغة ؟ ومن الذي خصّ هذا الاسم بالمعاجم التي يقصد فيها سرد الألفاظ وتطبيقها علىٰ معانيها في مقام الحجّيّة ، وأخرج عنها ما أُلِّف في غريب القرآن أو الحديث أو الأدب العربي ؟
وهل نيّة أَرباب المعاجم دخيلة في صحة الاحتجاج بها ، أو أنَّ لغةَ أرباب الكتب وتضلّعهم في الفنّ وتحرِّيهم موارد استعمال العرب هي التي تكسبها الحجّيّة ؟ وهذه كلّها موجودة في كتب الأئمّة والأعلام الذين نُقل عنهم مجيء ( المولىٰ ) بمعنى ( الأَولىٰ ).
مفعل بمعنىٰ فعيل
هلمّ معي إلىٰ صخبٍ وهياجٍ تهجّم بهما على العربيّة ـ ومن العزيز على العروبة والعرب ذلك ـ الشاه وليُّ الله صاحب الهندي في تحفته الاثني عشرية (١) ، فحسب في ردّ دلالة الحديث أنَّها لا تتمّ إلّا بمجيء ( المولىٰ ) بمعنى ( الوليّ ) وأنَّ ( مفعلا ) لم يأت بمعنىٰ ( فعيل ) يريد به دحض ما نصّ عليه أهل اللغة من مجيء ( المولىٰ ) بمعنى ( الوليّ ) الذي يراد به وليّ الأمر كما [ جاء ] وليّ المرأة ، ووليّ اليتيم ، ووليّ العبد ، وولاية السلطان ، ووليّ العهد لمن يقيِّضه الملك عاهل مملكته بعده.
نعم عزب عن الدهلوي قول الفرّاء المتوفّىٰ ( ٢٠٧ ) في معاني القرآن (٢) وأبي العبّاس المبرّد : بأنّ الوليّ والمولىٰ في لغة العرب واحد ، وذهل عن إطباق أئمّة اللغة علىٰ هذا ، وعدِّهم الوليّ من معاني المولىٰ في معاجم اللغة وغيرها ، كما في مشكل القرآن للأنباري ، والكشف والبيان (٣) للثعلبي في قوله تعالىٰ : ( أَنتَ مَوْلَانَا ) (٤) ،
___________________________________
(١) التحفة الاثنا عشرية : ص ٢٠٩.
(٢) معاني القرآن : ٢ / ١٦١.
(٣) الكشف والبيان : الورقة ٩٢ سورة البقرة : آية ٢٨٦.
(٤) البقرة : ٢٨٦.