وقد سبقنا إلىٰ بعض هذه النظريّة شمس الدين بن البطريق في العمدة (١) ( ص ٥٦ ) ، وهو أحد أعلام الطائفة في القرن السادس ، وتطفح بشيء من ذلك كلمات غير واحد من علماء أهل السنّة (٢) ؛ حيث ذكروا المناسبات في جملة من معاني المولىٰ تشبه ما ذكرنا.
ويكشف عن كون المعنى المقصود ( الأَولىٰ ) هو المتبادر من المولىٰ إذا أُطلق ، كما يأتي بيانه عن بعض في الكلمات حول المفاد ما رواه مسلم بإسناده في صحيحه (٣) ( ص ١٩٧ ) عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « لا يقل العبد لسيِّده مولاي » ، وزاد في حديث أبي معاوية : « فإنّ مولاكم الله » ، وأخرجه غير واحد من أئمّة الحديث في تآليفهم.
القرائن المعيِّنة متّصلة ومنفصلة
إلىٰ هنا لم يبقَ للباحث ملتحد عن البخوغ لمجيء المولىٰ بمعنى الأَولىٰ بالشيء وإن تنازلنا إلىٰ أنَّه أحد معانيه ، وأنَّه من المشترك اللفظيِّ ، فإنّ للحديث قرائن متّصلة وأخرىٰ منفصلة تنفي إرادة غيره ، فإليك البيان :
القرينة الأولىٰ : مقدّمة الحديث ، وهي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ألستُ أولىٰ بكم من أنفسكم » ، أو ما يؤدّي مؤدّاه من ألفاظ متقاربة ، ثمّ فرّع علىٰ ذلك قوله : « فمن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » ، وقد رواها الكثيرون من علماء الفريقين ، فمن حفّاظ أهل السنّة وأئمّتهم :
١ ـ أحمد بن حنبل. |
|
٢ ـ ابن ماجة. |
|
٣ ـ النسائي. |
___________________________________
(١) العمدة : ص ١١٢.
(٢) راجع ما أسلفناه عن الدرواجكي وغيره ، وما يأتي عن سبط ابن الجوزي وغيره ، فتجد هناك كثيراً من نظرائهما في مطاوي كلمات القوم. ( المؤلف )
(٣) صحيح مسلم : ٤ / ٤٣٦ ح ١٤ كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها.