وبذلك كلّه تعرف أنَّ المرتبة المثبتة له هي الحاكميّة المطلقة على الأمّة جمعاء ، وهي معنى الإمامة الملازمة للأولويّة المُدّعاة في معنى المولىٰ ، ويستفاد هذا المعنىٰ من لفظ ابن عبّاس الآخر الذي مرّ ( ص ٥١ و ٢١٧ ) ، قال :
لمّا أُمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يقوم بعليّ المقام الذي قام به ....
ويُصرِّح بالمعنىٰ المراد ما مرّ ( ص ١٦٥ ) من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« إنَّ الله أمر أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي ، والذي فرض الله على المؤمنين في كتابه طاعته ، فقرن بطاعته طاعتي ، وأمركم بولايته ».
وقوله المذكور ( ص ٢١٥ ) : « فإنّ الله قد نصبه لكم وليّاً وإماماً ، وفرض طاعته علىٰ كلِّ أحد ، ماضٍ حكمه ، جائزٌ قوله ».
القرينة الثانية عشرة : ما مرّ ( ص ٥٢ و ٢١٧ ) من قول ابن عبّاس بعد ذكره الحديث : فوجبت والله في رقاب القوم ، في لفظ. وفي أعناق القوم ، في آخر ، فهو يُعطي ثبوت معنىً جديد مستفاد من الحديث غير ما عرفه المسلمون قبل ذلك وثبت لكلِّ فرد منهم ، وأكّد ذلك باليمين وهو معنىً عظيم يلزم الرقاب ، ويأخذ بالأعناق لدة الإقرار بالرسالة ، لم يساوِ الإمام عليهالسلام فيه غيره ، وليس هو إلّا الخلافة التي امتاز بها من بين المجتمع الإسلامي ، ولا يبارحه معنى الأولويّة.
القرينة الثالثة عشرة : ما أخرجه شيخ الإسلام الحمّوئي في فرائد السمطين عن أبي هريرة قال :
لمّا رجع رسول الله
عن حجة الوداع نزلت آية : (
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ) ولمّا سمع قوله تعالىٰ : ( وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )
اطمأنّ قلبه ـ إلى أن قال بعد ذكر الحديث ـ : وهذه آخر فريضة أوجب الله علىٰ عباده ، فلمّا بلّغ رسول الله
صلىاللهعليهوسلم نزل