فما الذي تراه يستكبره أو يستنكره أبو الطفيل من ذلك ؟ أهو صدور الحديث ؟ ولا يكون ذلك ؛ لأنّ الرجل شيعيٌّ متفانٍ في حبِّ أمير المؤمنين عليهالسلام ومن ثقاته ، فلا يشكُّ في حديث رواه مولاه ، لا ، بل هو معناه الطافح بالعظمة ، فكان عجبه من نكوس القوم عنه وهم عرب أقحاح يعرفون اللفظ وحقيقته ، وهم أتباع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، فاحتمل أنَّه لم يسمعه جلّهم ، أو حجزت العراقيل بينهم وبين ذلك ، فطمّنه زيد بن أرقم بالسماع ، فعلم أنَّ الشهوات حالت بينهم وبين البخوع له ، وما ذلك المعنى المستعظم إلّا الخلافة المساوقة للأولويّة دون غيرها من الحبِّ والنصرة ، وكلٌّ منهما منبسطٌ على أيِّ فرد من أفراد الجامعة الإسلاميّة.
القرينة التاسعة عشرة : سبق أيضاً ( ص ٢٣٩ ـ ٢٤٦ ) حديث إنكار الحارث الفهري معنىٰ قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث الغدير ، وشرحنا ( ص ٣٤٣ ) تأكّد عدم التئامه مع غير الأَولىٰ من معاني المولىٰ.
القرينة العشرون : أخرج الحافظ ابن السمّان كما في الرياض النضرة (١) ( ٢ / ١٧٠ ) ، وذخائر العقبىٰ للمحبّ الطبري ( ص ٦٨ ) ، ووسيلة المآل للشيخ أحمد بن باكثير المكّي (٢) ، ومناقب الخٰوارزمي (٣) ( ص ٩٧ ) ، والصواعق (٤) ( ص ١٠٧ ) عن الحافظ الدارقطني عن عمر وقد جاءه أعرابيّان يختصمان ، فقال لعليّ : اقض بينهما ، فقال أحدهما : هذا يقضي بيننا ؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال : ويحك ما تدري من هذا ؟ هذا مولاي ومولىٰ كلّ مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.
وعنه وقد نازعه رجل في مسألة ، فقال : بيني وبينك هذا الجالس ، وأشار إلىٰ عليّ بن أبي طالب ، فقال الرجل : هذا الأبطن ؟ فنهض عمر عن مجلسه ، وأخذ بتلبيبه
___________________________________
(١) الرياض النضرة : ٣ / ١١٥.
(٢) وسيلة المآل : ص ١١٩ باب ٤.
(٣) المناقب : ص ١٦٠ ح ١٩١.
(٤) الصواعق المحرقة : ص ١٧٩.