حتىٰ شاله من الأرض ، ثمّ قال : أتدري من صغّرت ؟ هذا مولاي ومولىٰ كلِّ مسلم.
وفي الفتوحات الإسلاميّة ( ٣ / ٣٠٧ ) : حكم عليّ مرّة علىٰ أعرابيّ بحكم ، فلم يرضَ بحكمه ، فتلبّبه عمر بن الخطّاب ، وقال له : ويلك إنَّه مولاك ومولىٰ كلّ مؤمن ومؤمنة.
وأخرج الطبراني : أنَّه قيل لعمر : إنَّك تصنع بعليّ ـ أي من التعظيم ـ شيئاً لا تصنع مع أحد من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إنَّه مولاي. وذكره الزرقاني المالكي في شرح المواهب ( ٧ / ١٣ ) عن الدارقطني.
فإنّ المولويّة الثابتة لأمير المؤمنين التي اعترف بها عمر علىٰ نفسه وعلى كلِّ مؤمن زِنَة ما اعترف به يوم غدير خمّ ، وشفع ذلك بنفي الإيمان عمّن لا يكون الوصيّ مولاه ، أي لم يعترف له بالمولويّة ، أو لم يكن هو مولىً له أي محبّاً أو ناصراً ، ولكن على حدٍّ ينفي عنه الإيمان إن انتفىٰ عنه ذلك الحبّ والنصرة ، لا ترتبط (١) إلّا مع ثبوت الخلافة له ، فإنّ الحبّ والنصرة العاديّين المندوب إليهما بين عامّة المسلمين لا ينفي بانتفائه الإيمان ، ولا يمكن القول بذلك نظراً إلى ما شجر من الخلاف والتباغض بين الصحابة والتابعين حتىٰ آل في بعض الموارد إلى التشاتم ، والتلاكم ، وإلى المقاتلة ، والمناضلة ، وكان بعضها بمشهد من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم ينفِ عنهم الإيمان ، ولا غمز القائلون بعدالة الصحابة أجمع في أحد منهم بذلك ، فلم يبق إلّا أن تكون الولاية التي هذه صفتها معناها الإمامة الملازمة للأولوية المقصودة ، سواء أوعز عمر بكلمته هذه إلىٰ حديث الغدير كما تومي إليه رواية الحافظ محبّ الدين الطبري لها في ذيل أحاديث الغدير ، أو أنَّه أرسلها حقيقة راهنة ثابتة عنده من شتّى النواحي.
تذييل :
عزا ابن الأثير في النهاية (٢) ( ٤ / ٢٤٦ ) ، والحلبي في السيرة (٣) ( ٣ / ٣٠٤ )
___________________________________
(١) الجملة الفعلية خبر لـ ( انّ ) في قوله السابق أوّل الفقرة : فإنّ المولويّة ....
(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر : ٥ / ٢٢٨.
(٣) السيرة الحلبية : ٣ / ٢٧٧.