وعدم الخيانة فيها من الأجر إلّا الرتبة والراتب ، وإنَّما يحظىٰ أحدهم بترفيع في المرتبة أو زيادة في الرتبة بخدمة زائدة علىٰ مقرّراتها عليهم ، وليس في الناس من ينقم على الحكومات ذلك ، وهذه الحالة عيناً جارية بين الموالي والعبيد ، وهي من الارتكازات المرتسخة في نفسيّات البشر كلّهم ، غير أنَّ الله سبحانه بفضله المتواصل يثيب العاملين بواجبهم بأُجور جزيلة.
وهاهنا كلمة قدسيّة لسيِّدنا ومولانا زين العابدين الإمام الطاهر عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ لا مُنتدح عن إثباتها ، وهي قوله في دعائه إذا اعترف بالتقصير عن تأدية الشكر من صحيفته الشريفة :
« أللّهمّ إنَّ أحداً
لا يبلُغ من شكرك غايةً إلّا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكراً ، ولا يبلغ مبلغاً من طاعتك وإن اجتهد إلّا كان مقصِّراً دون استحقاقك بفضلك ، فأَشْكَرُ عبادك عاجزٌ عن شكرك وأَعبدُهم مقصِّرٌ عن طاعتك ، لا يجب لأحد أن تغفر له باستحقاقه ، ولا أن تَرضىٰ عنه باستيجابه ، فمن غفرتَ له
فبطَولك ؛ ومن رضِيتَ عنه فبفضلك ، تشكر يسير ما شُكِرتَ به ، وتثيب علىٰ قليل ما تطاع
فيه ، حتىٰ كأنّ شكر عبادك الذي أوجبتَ عليه ثوابهم ، وأعظمت عنه جزاءهم ، أمرٌ
ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافيتهم ، أو لم يكن سببه بيدك فجازيتهم ، بل ملكتَ يا إلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك ، وأعددتَ ثوابهم قبل أن يفيضوا في طاعتك ، وذلك أنَّ سنّتك الإفضال ، وعادتك الإحسان ، وسبيلك العفو ، فكلّ البريّة معترفة بأنّك غير ظالم لمن عاقبتَ ، وشاهدة بأنّك متفضِّل علىٰ من عافيتَ ، وكلّ
مُقِرّ علىٰ نفسه بالتقصير عمّا استوجبت ، فلو أنَّ الشيطان لم يختدعهم عن طاعتك ، ما
عصاك عاصٍ ، ولولا أنَّه صوّر لهم الباطل في مثال الحق ، ما ضلّ عن طريقك ضالٌّ ، فسبحانك ما أبينَ كرمَك في معاملة من أطاعك أو عصاك ، تشكر للمطيع ما أنت تولّيته له ، وتُملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه ، أعطيتَ كلّاً منهما ما لم
يجبْ له ،