وخرج إلى عمرو بن عثمان المكّيّ وإلى الجنيد وصحبهما. ثمّ وقع بين الجنيد وبين أبي لأجل مسألة ، ونسبه الجنيد إلى أنّه مدّعي. فرجع بأمّي إلى تستر ، فوقع له بها قبول. ولم يزل عمرو بن عثمان المكّيّ يكتب الكتب فيه بالعظائم ، حتّى غضب ورمى بزيّ الصّوفيّة ولبس قباء ، وصحب أبناء الدّنيا. ثمّ سافر عنّا خمس سنين ، بلغ إلى ما وراء النّهر ، ثمّ رجع إلى فارس ، وأخذ يتكلّم ويدعو إلى الله. وصنّف لهم ، وتكلّم على الخواطر ، ولقّب حلّاج الأسرار (١).
ثمّ قدم الأهواز فحملت إليه ، ثمّ خرج إلى البصرة ثم إلى مكّة ، ولبس المرقّعة ، وخرج معه خلق ، فتكلّم فيه أبو يعقوب النّهرجوريّ وحسده ، فقدم الأهواز ، وحمل أمّي وجماعة من رؤسائها إلى بغداد ، فبقي بها سنة ، ثمّ قصد الهند وما وراء النّهر ثانيا ، ودعا إلى الله ، وصنّف لهم كتبا ، ثمّ رجع ، فكانوا يكاتبونه من الهند بالمغيث ، ومن بلاد تركستان ب «المقيت» ، ومن خراسان ، ب «المميّز» ، ومن فارس ب «أبي عبد الله الزّاهد» ، ومن خوزستان ب «الشّيخ حلّاج الأسرار». وكان ببغداد قوم يسمّونه : «المصطلم» ، وبالبصرة «المحيّر» (٢).
ثمّ كثرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السّفرة ، فحجّ وجاور سنتين رجاء. وتغيّر عمّا كان عليه في الأوّل ، واقتنى العقار ببغداد ، وبنى دارا ودعا النّاس إلى معنى لم أقف عليه ، بل على شطر منه ، حتّى خرج عليه محمد بن داود وجماعة من أهل العلم ، وقبّحوا صورته (٣).
ووقع بين عليّ بن عيسى وبينه لأجل نصر القشوريّ ، ثمّ وقع بينه وبين الشّبليّ وغيره من المشايخ ، فقيل : هو ساحر ، وقيل : هو مجنون ، وقيل : بل له كرامات ، حتّى حبسه السّلطان (٤).
روى هذا ابن باكويه الشّيرازيّ ، قال : أخبرني حمد بن الحلّاج ، فذكره.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٨ / ١١٣.
(٢) تاريخ بغداد ٨ / ١١٣ ، ١١٤ ، المنتظم ٦ / ١٦١ وفيه : «المخيّر» ، وفي العبر ٢ / ١٣٩ :
«المجير».
(٣) المنتظم ٦ / ١٦١.
(٤) تاريخ بغداد ٨ / ١١٤.