ومنه الحديث «وأمسك الله جِرْيَة الماء» هي بالكسر : حالة الجَرَيَان.
ومنه «وعال قلم زكريّا الجِرْيَةُ ، وجَرَتْ الأقلام مع جِرْيَةِ الماء» كلّ هذا بالكسر.
(باب الجيم مع الزاى)
(جزأ) ـ فيه «من قرأ جُزْءَهُ من الليل» الجُزْءُ : النّصيب والقطعة من الشىء ، والجمع أَجْزَاء. وجَزَأْتُ الشّيءَ : قسمته ، وجَزَّأْتُهُ للتّكثير.
ومنه الحديث «الرّؤيا الصّالحة جُزْءٌ من ستّة وأربعين جُزْءاً من النّبوّة» وإنما خصّ هذا العدد لأن عمر النبى صلىاللهعليهوسلم ـ في أكثر الروايات الصحيحة ـ كان ثلاثا وستّين سنة ، وكانت مدّة نبوّته منها ثلاثا وعشرين سنة ؛ لأنه بعث عند استيفاء الأربعين ، وكان في أوّل الأمر يرى الوحى في المنام ، ودام كذلك نصف سنة ، ثم رأى الملك في اليقظة ، فإذا نسبت مدّة الوحى في النّوم ـ وهى نصف سنة ـ إلى مدّة نبوّته ، وهى ثلاث وعشرون سنة ، كانت نصف جُزْءٍ من ثلاثة وعشرين جُزْءاً. وذلك جُزْءٌ واحد من ستّة وأربعين جُزْءاً. وقد تعاضدت الروايات في أحاديث الرّؤيا بهذا العدد ، وجاء في بعضها «جُزْءٌ من خمسة وأربعين جُزْءاً» ووجه ذلك أن عمره صلىاللهعليهوسلم لم يكن قد استكمل ثلاثا وستين ، ومات في أثناء السّنة الثالثة والسّتين ، ونسبة نصف السّنة إلى اثنتين وعشرين سنة وبعض الأخرى نسبة جُزْءٍ من خمسة وأربعين جُزْءاً. وفي بعض الروايات «جُزْءٌ من أربعين» ويكون محمولا على من روى أن عمره كان ستّين سنة ، فيكون نسبة نصف سنة إلى عشرين سنة كنسبة جُزْءٍ إلى أربعين.
ومنه الحديث «الهدى الصالح والسّمت الصالح جُزْءٌ من خمسة وعشرين جُزْءاً من النّبوّة» أى إن هذه الخلال من شمائل الأنبياء ، ومن جملة الخصال المعدودة من خصالهم ، وأنّها جُزْءٌ معلوم من أَجْزَاء أفعالهم ، فاقتدوا بهم فيها وتابعوهم [عليها](١) وليس المعنى أن النّبوّة تَتَجَزَّأُ ، ولا أنّ من جمع هذه الخلال كان فيه جُزْءٌ من النبوّة ، فإن النبوّة غير مكتسبة. ولا مجتلبة بالأسباب ، وإنّما هى كرامة من الله تعالى. ويجوز أن يكون أراد بالنبوّة هاهنا ما جاءت به النبوّة ودعت إليه من الخيرات.
__________________
(١) الزيادة من أ