فلذلك قال الله عزوجل : (الصوم لى وأنا أَجْزِي به) : أى لم يشاركني أحد فيه ، ولا عبد به غيري ، فأنا حينئذ أَجْزِي به وأتولّى الجَزَاء عليه بنفسي ، لا أَكِلُهُ إلى أحد من ملك مقرّب أو غيره على قدر اختصاصه بى.
وفيه ذكر «الجِزْيَة» في غير موضع ، وهى عبارة عن المال الذى يعقد للكتابى عليه الذّمّة ، وهى فِعْلة ، من الجزاء ، كأنها جَزَتْ عن قتله.
ومنه الحديث «ليس على مسلم جِزْيَة» أراد أنّ الذّمّى إذا أسلم وقد مرّ بعض الحول لم يطالب من الجِزْيَة بحصّة ما مضى من السّنة. وقيل أراد أن الذّمى إذا أسلم وكان في يده أرض صولح عليها بخراج توضع عن رقبته الجِزْيَة وعن أرضه الخراج.
ومنه الحديث «من أخذ أرضا بِجِزْيَتِهَا» أراد به الخراج الذى يؤدّى عنها ، كانه لازم لصاحب الأرض كما تلزم الجِزْيَة الذّمّىّ. هكذا قال الخطّابي ، وقال أبو عبيد : هو أن يسلم وله أرض خراج فترفع عنه جِزْيَة رأسه وتترك عليه أرضه يؤدّى عنها الخراج.
ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «أن دهقانا أسلم على عهده ، فقال له : إن أقمت في أرضك رفعنا الجِزْيَة عن رأسك وأخذناها من أرضك ، وإن تحولت عنها فنحن أحقّ بها».
وحديث ابن مسعود رضى الله عنه «أنه اشترى من دهقان أرضا على أن يكفيه جِزْيَتَهَا» قيل إنّ اشترى هاهنا بمعنى اكترى ، وفيه بعد ؛ لأنه غير معروف في اللغة. قال القتيبى : إن كان محفوظا ، وإلّا فأرى أنه اشترى منه الأرض قبل أن يؤدّى جِزْيَتها للسّنة التى وقع فيها البيع ، فضمّنه أن يقوم بخراجها.
(ه) وفيه «أنّ رجلا كان يداين الناس ، وكان له كاتب ومُتَجَازٍ» المُتَجَازِي : المتقاضي يقال : تَجَازَيْتُ دَيني عليه : أى تقاضيته.
(باب الجيم مع السين)
(جسد) (س) في حديث أبى ذرّ رضى الله عنه «أن امرأته ليس عليها أثر المَجَاسِد» هى جمع مُجْسَد بضمّ الميم : وهو المصبوغ المشبع بالجَسَد ، وهو الزعفران أو العصفر.