مقدّمة المؤلف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أحمَدُ الله على نعمه بجميع مَحامده ، وأثنى عليه بآلائه في بادئ الأمر وعائده ، وأشكره على وافر عطائه ورافده ، وأعترف بلُطْفه في مصادر التوفيق وموارده.
وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدا عبده ورسوله ، شهادة متحلّ بقلائد الإخلاص وفرائده ، مستقل بإحكام قواعد التوحيد ومعاقده.
وأصلى على رسوله جامع نوافر الإيمان وشوارده ، ورافع أعلام الإسلام ومطارده (١) ، وشارع نهج الهدى لقاصده ، وهادى سبيل الحق وماهده ، وعلى آله وأصحابه حماة معالم الدين ومعاهده ، ورادة مشرعه السائغ لوارده.
أما بعد ، فلا خلاف بين أولى الألباب والعقول ، ولا ارتياب عند ذوي المعارف والمحصول ، أنّ علم الحديث والآثار من أشرف العلوم الإسلامية قدرا ، وأحسنها ذكرا ، وأكملها نفعا وأعظمها أجرا.
وأنه أحد أقطاب الإسلام التى يدور عليها ، ومعاقده التى أضيف إليها ، وأنه فرض من فروض الكفايات يجب التزامه ، وحق من حقوق الدين يتعين إحكامه واعتزامه.
وهو على هذه الحال ـ من الاهتمام البيّن والالتزام المتعيّن ـ ينقسم قسمين : أحدهما معرفة ألفاظه ، والثانى معرفة معانيه. ولا شك أنّ معرفة ألفاظه مقدّمة في الرتبة ؛ لأنها الأصل في الخطاب وبها يحصل التفاهم ، فإذا عرفت ترتّبت المعانى عليها ، فكان الاهتمام ببيانها أولى.
ثم الألفاظ تنقسم إلى مفردة ومركبة ، ومعرفة المفردة مقدّمة على معرفة المركبة ؛ لأنّ التركيب فرع عن الإفراد.
__________________
(١) المطارد جمع مطرد ـ على وزن منبر ـ : الرمح القصير.