(ه) ومنه حديث وفد هوازن «قال لهم اختاروا إحدى الطائفتين : إما المال ، وإما السّبى ، فقالوا : أما إذا خيّرتنا بين المال والحَسَبِ فإنّا نختار الحَسَبَ ، فاختاروا أبناءهم ونساءهم» أرادوا أن فكاك الأسرى وإيثاره على استرجاع المال حَسَبٌ وفعال حسن ، فهو بالاختيار أجدر. وقيل :المراد بالحَسَبِ هاهنا عدد ذوى القرابات ، مأخوذا من الحِسَاب ، وذلك أنهم إذا تفاخروا عدّ كلّ واحد منهم مناقبه ومآثر آبائه وحسبها. فالحَسَبُ : العدّ والمعدود. وقد تكرر في الحديث.
(ه) وفيه «من صام رمضان إيمانا واحتِسَاباً» أى طلبا لوجه الله وثوابه. فالاحْتِسَاب من الحَسَبِ ، كالاعتداد من العدّ ، وإنما قيل لمن ينوى بعمله وجه الله احْتَسَبَهُ ؛ لأن له حينئذ أن يعتدّ عمله ، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتدّ به. والحِسْبَةُ اسم من الاحْتِسَاب ، كالعدّة من الاعتداد ، والاحْتِسَاب في الأعمال الصالحة ، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتّسليم والصّبر ، أو باستعمال أنواع البرّ والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثّواب المرجوّ منها.
(ه) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «أيها الناس احْتَسِبُوا أعمالَكم ، فإن من احْتَسَبَ عمله كتب له أجر عمله وأجر حِسْبَتِهِ.
(ه) ومنه الحديث «من مات له ولد فاحْتَسَبَهُ» أى احْتَسَبَ الأجر بصبره على مصيبته. يقال : احْتَسَبَ فلان ابنا له : إذا مات كبيرا ، وافترطه (١) إذا مات صغيرا ، ومعناه : اعتدّ مصيبته به في جملة بلايا الله التى يثاب على الصّبر عليها. وقد تكرر ذكر الاحْتِسَاب في الحديث.
(ه) وفي حديث طلحة «هذا ما اشترى طلحة من فلان فتاه بخمسمائة درهم بالحَسَبِ والطّيب» أى بالكرامة من المشترى والبائع ، والرّغبة وطيب النّفس منهما. وهو من حَسَّبْتُهُ إذا أكرمته. وقيل هو من الحُسْبَانَة ، وهى الوسادة الصّغيرة. يقال حَسَّبْتُ الرجل إذا وسّدته ، وإذا أجلسته على الحُسْبَانَة.
ومنه حديث سماك «قال شعبة : سمعته يقول : ما حَسَّبُوا ضيفَهم» أى ما أكرموه.
(ه) وفي حديث الأذان «إنّهم يجتمعون فَيَتَحَسَّبُونَ الصلاة ، فيجيئون بلا داع» أى
__________________
(١) في الأصل «وأفرطه» والمثبت هو الصحيح.