انخلع منه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطى كل سيئة. والثانى أن يحمل الأمر على بابه ، يقول : إذا كنت في فعلك آمنا أن تَسْتَحْيِيَ منه لجريك فيه على سنن الصواب ، وليس من الأفعال التى يُسْتَحْيَا منها فاصنع منها ما شئت.
(س) وفي حديث حنين «قال للأنصار : المَحْيَا مَحْيَاكُمْ والممات مماتكم» المَحْيَا مفعل من الحَيَاة ، ويقع على المصدر والزمان والمكان.
وفيه «من أَحْيَا مواتا فهو أحقّ به» الموات : الأرض التى لم يجر عليها ملك أحد ، وإِحْيَاؤُهَا : مباشرتها بتأثير شىء فيها ، من إحاطة ، أو زرع ، أو عمارة ونحو ذلك ، تشبيها بإِحْيَاء الميت.
(س) ـ ومنه حديث عمر ، وقيل سلمان «أَحْيَوا ما بين العشاءين» أى اشغلوه بالصلاة والعبادة والذكر ، ولا تعطلوه فتجعلوه كالميت بعطلته. وقيل : أراد لا تناموا فيه خوفا من فوات صلاة العشاء لأن النّوم موت ، واليقظة حَيَاة ، وإِحْيَاء الليل : السهر فيه بالعبادة ، وترك النوم. ومرجع الصّفة إلى صاحب الليل ، وهو من باب قوله (١) :
فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا |
|
سهدا إذا ما نام ليل الهوجل |
أى نام فيه ، ويريد بالعشاءين المغرب والعشاء ، فغلّب.
(س) وفيه «أنه كان يصلى العصر والشمس حَيَّةً» أى صافية اللون لم يدخلها التغير بدنوّ المغيب ؛ كأنه جعل مغيبها لها موتا ، وأراد تقديم وقتها.
(س) وفيه «إن الملائكة قالت لآدم عليهالسلام : حَيَّاكَ الله وبَيَّاكَ» معنى حَيَّاكَ : أبقاك ، من الحياة. وقيل : هو من استقبال المُحَيَّا وهو الوجه. وقيل ملّكك وفرّحك. وقيل سلّم عليك ، وهو من التَّحِيَّةِ : السلام.
(ه) ـ ومنه حديث «تَحِيَّات الصلاة» وهى تفعلة من الحياة. وقد ذكرناها في حرف التاء لأجل لفظها.
__________________
(١) هو أبو كبير الهذلى. (ديوان الهذليين ٢ / ٩٢) والرواية هناك :
سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً |
|
وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ |
فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى |
|
برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ) |