الجنة من أطاع عليا وإن عصاني ، ولأدخلن النار من عصاه وإن أطاعني (١) ، وهذا رمز حسن وذلك لأن حب علي هو الإيمان الكامل ، والإيمان الكامل لا تضر معه السيئات ، فقوله : وإن عصاني فإنّي أغفر له إكراما له وأدخله الجنة بإيمانه فله الجنة بالإيمان ، وبحب علي العفو والغفران ، وقوله : ولأدخلن النار من عصاه وإن أطاعني ، وذلك لأنه إذا لم يوال عليا فلا إيمان له ، فطاعته هناك مجاز لا حقيقة لأن الطاعة بالحقيقة حبّ علي المضاف إليها سائر الأعمال ، فمن أحب عليا فقد أطاع الله ، ومن أطاع الله نجا ، فمن أحب عليا فقد نجا ؛ فاعلم : أن حبّ علي الإيمان ، وبغضه الكفر (٢) ، وليس هناك إلّا محب ومبغض ، فمحبّه لا سيئة له فلا حساب عليه ومن لا حساب عليه فالجنة داره ، ومبغضه لا إيمان له ، ومن لا إيمان له لا ينظر الله إليه فطاعته عين المعصية فعدوّه هالك ، وإن جاء بحسنات العباد بين يديه ، ووليّه ناج ولو كان في الذنوب إلى شحمتي أذنيه ، وأين الذنوب مع الإيمان المنير؟ أم أين من السيئات مع وجود الإكسير؟ فمبغضه من العذاب لا يقال ، ومحبّه لا يوقف ولا يقال ، فطوبى لأوليائه وسحقا لأعدائه.
يؤيّد هذا ما رواه ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى رسول الله فقال : يا رسول الله أينفعني حبّ علي في معادي؟ فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : لا أعلم حتى أسأل جبرائيل ، فنزل جبرائيل مسرعا فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : أينفع هذا حبّ علي؟ فقال : لا أعلم حتى أسأل إسرافيل ، ثم ارتفع فسأل إسرافيل ، فقال : لا أعلم حتى أناجي ربّ العزّة ، فأوحى الله إلى إسرافيل قل لجبرائيل يقل لمحمد : أنت منّي حيث شئت ، وأنا وعلي منك حيث أنت منّي ، ومحب علي منّي حيث علي منك (٣).
يؤيّد هذا ما رواه الرازي في كتابه مرفوعا إلى ابن عباس قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النار ، وأمر رضوان أن يزخرف الجنة ثم يمد الصراط ، وينصب ميزان العدل تحت العرش ، وينادي مناد : يا محمد قرّب أمتك إلى الحساب ، ثم يمدّ على الصراط سبع
__________________
(١) في الحديث : من أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله. البحار : ٥٢ / ٣٥٠ ح ١٠٣.
(٢) بحار الأنوار : ٢٦ / ٢٦٣ ح ٤٨.
(٣) مائة منقبة : ٤٣ ، والجواهر السنية : ٣٠٣.