فصل
[موالاة علي وعدم إدراك كنهه عليهالسلام]
أيّها الطائر في جو التقليد لا يأوي على غدران الحكماء ، ولا يرتع في رياض العلماء ، ولا ينبت في قلبه حبّ الحب ، ولا يثبت إلّا في محجبات الكتاب ، إلى متى أنت بعيد عن النور؟ محجوب عن السرور ، غافل عن أسرار السطور ، مكبّ على النظر في سواد المسطور ، أما أسمعك منادي الرحمن؟ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (١) ، إلى متى أنت كشارب ماء البحر كلّما ازداد شربا ازداد عطشا؟ ألم تعلم أن الله سبحانه خلق تسع عشر ألف عالم وألف ألف عالم مبدؤها نور الحضرة المحمدية وسرّها الولاية الإلهية وختمها الخلافة المهدية والعصمة الفاطمية؟ وذلك كلّه فاض عن الكلمة الإلهية (الغيب) وهو ألف غير معطوف كما قالوا : (١١١١) ألف معطوف ، وألف غير معطوف ، وألف عنده الوقوف ، وألف هو منتهى الألوف ، خلقها وهو غني عن خلقها ، وسلمها إلى الولي الكامل لأنه وليه الذي أقامه في الخلق مقامه ، فهو الولي المطلق والمتصرّف العادل ، فلا يسأل عمّا يفعل ، وكيف يسأل المؤيّد بالحكمة؟ المخصوص بالعصمة ، الذي يريد الله ما يفعل لأن فعله الحق ، والعدل ، ويفعل الله ما يريد ، لأنه لا يريد إلّا ما يريد الله ، لأن قلبه مكان مشيئة الله ، أوجده موجد الكل قبل الكل ، وأوجد لأجله الكل واختاره على الكل ، وولّاه أمر الكل وحكمه على الكل ، فهو الكلمة التامة ، والحاكم يوم الطامة ، وكيف لا يكون كذلك وشيعته غدا بيض الصحايف ، خضر الملابس ، آمنين من العذاب ، يدخلون الجنة بغير حساب.
دليل ذلك ما رواه صاحب كتاب الأربعين عن أنس بن مالك قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد يا علي يا ولي ، يا سيّد يا صدّيق يا ديّان يا هادي ، يا زاهد يا فتى يا طيب يا طاهر ، مرّ أنت وشيعتك إلى الجنة ، بغير حساب.
__________________
(١) محمد : ٢٤.