فصل
[علم آل محمّد للغيب]
وها إننا نورد في هذا الفصل شمة من أسرار الأئمة الهداة والبررة السادات ، والميامين الولاة ، ونطقهم بالمغيبات ، وإظهارهم الكرامات وإبرازهم الخفيات ، توبيخا لأهل الجهالات ، الذين أنكروا هذه الحالات ، ومنعوا هذه الصفات ، وزعموا أنهم من العداة.
وكيف لا يطلعون على الغيب (١)؟
__________________
(١) إن الذي يدّعي علم الغيب للإمام والنبي : لا يدّعيه على نحو الاستقلالية ، بل يدعي أن الله أطلع نبيّه وأهل بيته على الامور الغيبية التي لم يطلع عليها أحدا.
وإن شئت قلت : علم الغيب لذات الشخص وبلا توسط من الغير هو العلم الثابت لواجب الوجود والذي هو عين الذات ، وهذا مختص بالله ولغيره كفر.
أمّا العلم بالغيب الذي هو بتوسط الله تعالى وليس هو عين الذات ، فهذا الذي علمته الأئمة ورسول الله صلىاللهعليهوآله وعليه دلت الآيات والروايات :
فعن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «والله لقد أعطينا علم الأوّلين والآخرين».
فقال له رجل من أصحابه : «جعلت فداك أعندكم علم الغيب؟
فقال له عليهالسلام : «ويحك إنّي أعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، ويحكم وسّعوا صدوركم ولتبصر أعينكم ولتع قلوبكم ، فنحن حجّة الله تعالى في خلقه ولن يسع ذلك إلّا صدر كلّ مؤمن قوي قوّته كقوّة جبل تهامة إلّا بإذن الله ، والله لو أردت أن أحصي لكم كل حصاة عليها لأخبرتكم» (بحار الأنوار : ٢٦ / ٢٨ ح ٢٨ باب جهات علومهم عن مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٧٤).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي : «إنّ الله أطلعني على ما شاء من غيبه وحيا وتنزيلا واطلعك عليه إلهاما» (مشارق أنوار اليقين : ١٣٥ ـ ١٣٦ و ٢٥ وفي بحار الأنوار : ٢٦ / ٤ ح ١ : «أنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله علم ما فيه».
وقيل لأبي جعفر عليهالسلام : إن شيعتك تدعي أنك تعلم كيل ما في دجلة. وكانا جالسين على دجلة.
فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «يقدر الله عزوجل أن يفوض علم ذلك إلى بعوضة من خلقه؟»
قال : نعم.
فقال عليهالسلام : «أنا أكرم على الله من بعوضته» ثم خرج. (إثبات الوصية : ١٩١ ـ ١٩٢).