الكعبة يقول :
يا قريش جاءكم البشير ، جاءكم النذير ، معه عمر الأبد ، والرمح الأكبر ، وهو خاتم الأنبياء ، ونجد في الكتب أن عترته خير البشر ، ولا تزال الناس في أمان من العذاب ما دامت عترته في الدنيا ، فقال معاوية : يا أبا إسحاق ومن عترته؟ فقال : من ولد فاطمة ، فعبس معاوية وجهه ، وعضّ على شفته ، وقام من مجلسه (١).
ومن ذلك من خواص مولده صلىاللهعليهوآله ما نزل في الإنجيل : يا عيسى جد في أمري ولا تهزل ، واسمع وأطع يابن الطهر البتول ، خلقتك من غير فحل آية للعالمين ، فإيّاي فاعبد وعليّ فتوكّل ، خذ الكتاب بقوّة فبشّر لأهل سوريا بالسريانية ، تلمح من بين يديك أنّي أنا الله الدائم ، صدقوا النبي الأمّي صاحب الجمل ، والدرع والتاج ، وهي العمامة ، والبغل والهراوة ، وهي القضيب ، الأكحل العين الصلت الجبين الواضح الخدّين الأقنى الأنف المفلج الثنايا كأن عنقه إبريق فضة كأن الدهن يجري في تراقيه ، أسمر اللون إذا مشى فكأنما ينقلع من صخر وينحدر من صبب ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ أو ريح المسك ، لم ير قبله مثله أو بعده مثله ، نكاح النساء قليل النسل وإنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ، يكفلها في آخر الزمان كفل زكريا أمك لها فرخان يستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الإسلام ، وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وسمع كلامه (٢).
ومن ذلك ما رواه ابن عباس عنه من نطقه بالغيب وإخباره بالملاحم ، قال : حججنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حجّة الوداع فجاء حتى أخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه وهو كالشمس في الضحية ثم قال : ألا أخبركم بأشراط الساعة؟
فقلنا : بلى يا رسول الله ،
فقال : إنّ من اشراط الساعة إضاعة الصلاة ، واتباع الشهوات ، وتعظيم المال ، وبيع الدين بالدنيا فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح في الماء ، ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع إنكاره ، فقال سلمان : وكل هذا كائن يا رسول الله؟ فقال : إي والذي نفس محمد
__________________
(١) الحديث بطوله في البحار : ١٥ / ٢٦١ ح ١٢ مع تفاوت ببعض الألفاظ.
(٢) بحار الأنوار : ١٤ / ٢٨٤ ح ٦ ، وفيه تفاوت ببعض الألفاظ مثلا بدل الدهن الذهب.