بيده ، فعندها يليهم من الأمراء الجور والوزراء الفسق ، والعرفاء الظلم ، والامناء الخيانة ، فعندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ، ويصدّق الكاذب ويكذّب الصادق ، وتتأمّر النساء وتشاور الإماء وتعلو الصبيان المنابر ، ويكون الفجور طرفا ، والزكاة مغرما والغي مغنما ، ويجفو الرجل والديه ويبرّ (١) صديقه ، ويطلع الكوكب المذنّب فعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ، ويكون المطر قضا فإذا دخلت السوق فلا ترى إلّا ذاما لربّه ، هذا يقول : لم أبع شيئا ، وهذا يقول : لم أربح شيئا ، فعندها يملكهم قوم إن تكلّموا قتلوهم ، وإن سكتوا استباحوهم ، يسفكون دماءهم ويملؤون قلوبهم رعبا ، فلا تراهم إلّا خائفين مرعوبين ، فعندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب ، فالويل لضعفاء امّتي منهم والويل لهم من الله ، لا يرحمون صغيرا ولا يوقّرون كبيرا ، قلوبهم قلوب الشياطين ، فعندها يلتقي الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ويغار على الغلام كما يغار على الجارية في بيت أهلها ، وتشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، وتعلو الفروج السروج ، فعلى أولئك من امّتي لعنة الله ، فعندها تزخرف المساجد والمصاحف ، وتعلى المنابر وتكثر الصفوف ، قلوب متباغضة ، وألسن مختلفة ، فعندها تحلى ذكور امّتي بالذهب ، ويلبسون الحرير والديباج ويظهر الربا ويتعاملون بالرشوة ، ويستعملون الغيبة ، فعندها يكثر الطلاق ، فلا يقام لله حدّ فعندها يحجّ ملوك أمّتي للنزهة ، وتحجّ أوساطهم للتجارة ، وتحجّ فقراؤهم للرياء والسمعة ، فعندها يتعلّمون القرآن لغير الله ويتخذونه مزامير ويتفقهون للجدال ، ويكثر أولاد الزنا ويعفون بالقرآن ، ويتهافتون على الدنيا ، فإذا انتهكت المحارم ، واكتسبت المآثم ، سلّط الأشرار على الأخيار ، فهنالك يفشو الكذب ، ويتهافتون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر ، وينكرون الأمر بالمعروف في ذلك الزمان حتى يكون المؤمن أذلّ من الأمة ، وتظهر قراؤهم فيما بينهم التلاوة والعداوة ، أولئك يدعون في ملكوت السماء الأرجاس والأنجاس فهناك يخشى الغني من الفقير أن يسأله ، ويسأل الناس في محافلهم فلا يضع أحد في يده شيئا فعندها يتكلّم من لم يكن متكلّما فلم يلبثوا هناك إلّا قليلا حتى تخور الأرض خورة حتى يظن كل قوم أنّها خارت في ناحيتهم ، ثم يمكثون ما شاء الله ، ثم يمكثون في مكثهم فتلقي لهم
__________________
(١) في المطبوع يئر وجاء في نسخة خطية : يبر.