الفصل الثاني
[أسرار أمير المؤمنين عليهالسلام وغيبه]
وفي أسرار أمير المؤمنين عليهالسلام أنه لمّا ولد في البيت الحرام ، وكعبة الملك العلام ، خرّ ساجدا ثم رفع رأسه الشريف فأذّن ، وأقام وشهد لله بالوحدانية ، ولمحمّد صلىاللهعليهوآله بالرسالة ولنفسه بالخلافة والولاية ، ثم أشار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إقرأ يا رسول الله؟ فقال : نعم ، فابتدأ بصحف آدم فقرأها حتى لو حضر شيث لأقرّ أنّه أعلم بها منه ، ثم تلا صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل ، ثم تلا (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (١) فقال له النبي : نعم. أفلحوا إذ أنت إمامهم. ثم خاطبه بما خاطب به الأنبياء الأوصياء ، ثم سكت ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : عد إلى طفولتك فامسك (٢).
ومن كراماته التي لا تحدّ وفضائله التي لا تعدّ : أن راهب اليمامة الأثرم كان يبشّر أبا طالب عليهالسلام بقدوم علي عليهالسلام ويقول له : سيولد لك ولد يكون سيّد أهل زمانه ، وهو الناموس الأكبر ، ويكون لنبي زمانه عضدا وناصرا وصهرا ووزيرا ، فاني لا أدرك أيّامه فإذا رأيته فأقرئه منّي السلام ، ويوشك أنّي أراه ، فلما ولد أمير المؤمنين عليهالسلام مرّ أبو طالب عليهالسلام عليه ليعلمه فوجده قد مات ، فرجع إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فأخذه وقبّله فسلّم عليه أمير المؤمنين وقال : أبتي جئت من عند الراهب الأثرم الذي كان يبشرك بي وقصّ عليه قصة الراهب ، فقال له أبو عبد مناف : صدقت يا ولي الله (٣).
ومن ذاك ما رواه محمد بن سنان قال : بينما أمير المؤمنين عليهالسلام يجهّز أصحابه إلى قتال معاوية إذا اختصم إليه اثنان ، فلغى أحدهما في الكلام فقال له : اخسأ يا كلب ، فعوى الرجل
__________________
(١) المؤمنون : ١.
(٢) بحار الأنوار : ٣٥ / ١٨ و ٣٧ ح ١٤ و ٣٧ بتفاوت والحديث طويل.
(٣) في المصادر : الراهب المثرم.