هؤلاء؟ فقال : لا أعلم ، فقلت : وأين يمضون؟ فقال : لا أعلم ، فقلت : سلهم ، فقال : لا أقدر ولكن سلهم أنت يا حبيب الله ، قال : فاعترضت ملكا منهم وقلت : ما اسمك؟ فقال : كيكائيل ، فقلت : من أين أتيت؟ فقال : لا أعلم ، فقلت : وأين تمضي؟ فقال : لا أعلم ، فقلت : وكم لك في السير؟ فقال : لا أعلم ، غير أني يا حبيب الله أعلم أن الله سبحانه يخلق في كل ستّة آلاف سنة كوكبا ، وقد رأيت ستّة آلاف كوكبا خلقهن وأنا في السير (١).
ومن ذلك ما رواه أصحاب التواريخ أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان جالسا وعنده جني يسأله عن قضايا مشكلة فأقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فتصاغر الجني حتى صار كالعصفور ثم قال : أجرني يا رسول الله ، فقال : ممن؟ فقال : من هذا الفتى المقبل ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : وما ذاك؟ فقال الجني : أتيت سفينة نوح لأغرقها يوم الطوفان ، فلمّا تناولتها ضربني هذا فقطع يدي ، ثم أخرج يده مقطوعة فقال النبي : هو ذلك (٢).
وبهذا الإسناد أن جنيا كان جالسا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فأقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فاستغاث الجنّي وقال : أجرني سليمان فأرسل إليّ نفرا من الجن فطلت عليهم فجاءني هذا الفارس فأسرني وجرحني ، وهذا مكان الضربة إلى الآن لم يندمل ، فنزل جبرائيل عليهالسلام وقال : الحق يقرئك السلام ويقول لك : إنّي لم أبعث نبيّا قطّ إلّا جعلت عليا معه سرّا ، وجعلته معك جهرا (٣).
فيا خامد الفطنة ، يا من يقول هذا التناسخ ومن أين لك علم التناسخ؟
وقدمك في طريق الحق غير راسخ ، أما علمت أن اسم الله الأعظم نير لك في كل تركيب ، وكذا كلمة الله العليا تظهر في كل صورة وتفعل كل عجيب ، وكيف تشك في قول محمد صلىاللهعليهوآله إذا قال : أنا الفاتح ، أنا الخاتم ، وترتاب في علي ، أليس هو قسيم النور الأوّل الذي يتشعشع في جسد كل من والاه ، فإنّه أمل كل ولي وغاية كل صفي ، ثم ظهر مع محمد صلىاللهعليهوآله في هذا الجسد ، كما كان معه في كل مقام.
__________________
(١) بحار الأنوار : ٥٧ / ٣٣٨ ح ٢٩.
(٢) حلية الأبرار : ٢ / ١٥ ، ومدينة المعاجز : ٣ / ٧٦ ـ ٥١٢.
(٣) المراقبات : ٢٥٩ ، وجامع الأسرار : ٣٨٢ ح ٧٦٣.