الفصل الرابع
في أسرار الحسن بن علي عليهماالسلام
فمن ذلك : أنه لما قدم من الكوفة جاءت النسوة يعزينه في أمير المؤمنين عليهالسلام ، ودخلت عليه أزواج النبي صلىاللهعليهوآله ، فقالت عائشة : يا أبا محمد ما مثل فقد جدّك إلّا يوم فقد أبوك ، فقال لها الحسن : نسيت نبشك في بيتك ليلا بغير قبس بحديدة ، حتى ضربت الحديدة كفك فصارت جرحا إلى الآن فأخرجت جردا أخضر فيه ما جمعته من خيانة حتى أخذت منه أربعين دينارا عددا لا تعلمين لها وزنا ففرقتيها في مبغضي علي صلوات الله عليه من تيم وعدي ، وقد تشفيت بقتله ، فقالت : قد كان ذلك (١).
ومن ذلك : أن معاوية لمّا أراد حرب علي عليهالسلام وجمع أهل الشام ، سمع بذلك ملك الروم فقيل له : رجلان قد خرجا يطلبان الملك ، فقال : من أين؟ فقيل له : رجل بالكوفة ورجل بالشام ، فقال : [فسألهم عن صفتهما ، فوصفوهما له ، ثم قال لخزان بيوت خزائنه : أخرجوا إلى الأصنام ، فنظر إليها فقال : الشامي ضال والكوفي هاد] (٢) ثم كتب إلى معاوية أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك ، وبعث إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ابعث إلي أعلم أهل بيتك ، حتى أجمع بينهما وأنظر في الانجيل من أحق بالملك منكما وأخبركما ، فبعث إليه معاوية ابنه يزيد ، وبعث إليه أمير المؤمنين الحسن عليهالسلام ، فلما دخل يزيد أخذ الرومي يده فقبّلها ، ولما دخل الحسن عليهالسلام قام الرومي فانحنى على قدميه فقبلهما ، فجلس الحسن عليهالسلام لا يرفع بصره ، فلما نظر ملك الروم إليهما أخرجهما معا ، ثم استدعى يزيد وحده ، وأخرج له من خزانته ١١٣ صنما تماثيل الأنبياء وصورهم وقد زيّنت بكل زينة ، فأخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه ، ثم عرض آخر فلم يعرفه ، ثم سأله عن أرزاق العباد وعن أرواح المؤمنين ، وأرواح
__________________
(١) الهداية الكبرى للخصيبي : ١٩٧.
(٢) زيادة عن البحار : (٣٣ / ٢٣٤ ح ٥١٧) لتقويم المعنى.