الفصل السابع
في أسرار أبي جعفر الباقر عليهالسلام
فمن ذلك ما رواه محمد بن مسلم قال : كنت عند أبي جعفر عليهالسلام إذ وقع إليه ورشانان ثم هدلا فرد عليهما فطارا ، فقلت : جعلت فداك ما هذه؟ فقال : هذا طائر ظن في زوجته سوءا فحلفت له فقال لها : لا أرضى إلّا بمولاي محمد بن علي عليهالسلام ، فجاءت فحلفت له بالولاية أنّها لم تخنه فصدّقها ، وما من أحد يحلف بالولاية إلّا صدّق إلّا الإنسان ، فإنّه حلّاف مهين (١).
ومن ذلك ما رواه ميسر قال : قمت بباب أبي جعفر فخرجت جارية جلاسية فوضعت يدي على رأسها فناداني من أقصى الدار : ادخل لا أبا لك فلو كانت الجدران تحجب أبصارنا عنكم كما تحجب أبصاركم لكنّا نحن وإيّاكم سواء (٢).
ومن ذلك ما رواه محمد بن مسلم قال : خرجت مع أبي جعفر عليهالسلام إلى مكان يريده فسرنا ، وإذا ذئب قد انحدر من الجبل وجاء حتى وضع يده على قربوس السرج ، وتطاول فخاطبه فقال له الإمام عليهالسلام : ارجع فقد فعلت ، قال : فرجع الذئب مهرولا ، فقلت : يا سيدي ما شأنه؟ فقال : ذكر أن زوجته قد عسرت عليها الولادة فسأل لها الفرج وأن يرزقه الله ولدا لا يؤذي دواب شيعتنا ، فقلت له : اذهب فقد فعلت ، قال : ثم سرنا ، وإذا قاع محدب يتوقّد حرّا ، وهناك عصافير يتطايرون ، ودرن حول بغلته فرجوها ، وقال : لا ولا كرامة ، قال : ثم سار إلى مقصده ، فلما رجعنا من الغد وعدنا إلى القاع وإذا العصافير قد طارت ودارت حول بغلته ورفرفت ، فسمعته يقول : اشربي وارتوي ، قال : فنظرت ، وإذا في القاع ضحضاح (٣) من الماء ، فقلت : يا سيدي بالأمس منعتها واليوم سقيتها؟ فقال : اعلم أن اليوم خالطتها القنابر فسقيتها ،
__________________
(١) بحار الأنوار : ٦٥ / ٢٤ ح ٤٠.
(٢) بحار الأنوار : ٤٦ / ٢٤٨ ح ٤٠ وفيه لا ام لك.
(٣) الضحضاح في الأصل ما رقّ من الماء على وجه الأرض ما بلغ الكعبين «النهاية».