بكمال ذاته عن كل الجهات ، فاستتر الفرد المجرّد عن المواد والصور ، فهو الرفيع في جلاله ، البديع في جماله ، وحده لا شريك له ، وجوده وجود إيمان لا وجود عيان ، دلّت عليه آياته ، وشهدت بوحدانيته مصنوعاته ، وأقرّت بربوبيته أرضه وسمواته ، كل حادث دليل عليه ، ومستند في وجوده إليه ، ومشير بالعظمة والكبرياء إليه ، فمفهومه ومعناه ، تقدّس في عزّه وعلاه ، أنه ذات واحدة لا تحدّها فكرة ، ولا تحاولها كثرة ، لها الجلال والإكرام ، والبقاء والدوام ، والملك المؤبد ، والسلطان السرمد ، والعزّ المنيع ، والمجد الرفيع ، فالحق عزّ اسمه وجل جلاله ، واحد من جميع الجهات ، فرد صمد بكل العبادات ، قيوم أحد بأكمل الدلالات ، ربّ وتر بالذات والصفات ، معبود حقّ بسائر اللغات ، لا تحكيه العبارات ، ولا تحويه الإشارات ، فذاته الأزلية الأبدية القيومية الرحمانية ، المقدّسة بالوحدة الحقيقية ، المنزّهة عن الكثرة الصورية ، مبدأ لسائر الموجودات ، ومنبع لسائر الكمالات ، موصوفة بأكرم الصفات ، مسلوب عن جمال كمالها النقائص والحاجات ، متعالية عن الأحياز والجهات ، منزّهة عن مشابهة المحدثات ، مبراة عن المقولات ، فسبحان القيوم ، الذي لم يزل ولا يزال ، الفرد المنزّه عن الحلول والانتقال ، وحده لا شريك له ، كان ولم يزل كائنا ، ولا سماء مبنية ، ولا أرض مدحية ، ولا خافق يخفق ، ولا ناطق ينطق ، ولا ليل داج ، ولا صبح مشرق ، كان الله ولا شيء معه ، وهو على ما كان لم يتكثر بخلقه أبدا ، فسبحان من أيّن الأين ، فلا أين يحويه ، وكيّف الكيف فلا كيف يحكيه ، وتعالى عن المكان والزمان ، فلا وقت يباريه ، وحده لا شريك له ، جل عن أجل معدود ، وأمد ممدود ، وتعالى عن وقت محدود ، الحي الحميد المحمود ، قدوس ، سبوح ، ربّ الملائكة والروح ، حي لا يموت.
فسبحانه من أزلي قديم ، سبق العدم وجوده ، والأزل قدمه ، والمكان كونه ، وعزّ عن المزاوجة اسمه ، وحده لا شريك له ، ليس لقدمه رسم ، ولا حدّ ، ولا لملكه قبل ولا بعد ، ولا لأمره دفع ولا ردّ ، ولا لسلطانه ضدّ ولا ندّ ، تقدّس القيوم في جلال عظمته ، ودوام سلطنته ، وحده لا شريك له ، لا تدركه الحواس ، فيوجد له شكل ، ولا يشبه بالناس فيكون له مثل ، امتنعت عن إدراك ذاته عيون العقول ، وانقطعت دون وصف صفاته أسباب الوصول ، حي قيوم ، وجوده لذاته بذاته عن ذاته ، لا لعلّة تقوّمه فيكون ممكنا ، ولا لسبب يتقدّمه فيكون