ثم بيّن في الآيات أنه اصطفاهم على الخلائق ، وارتضاهم للغيب والحقائق ، فقال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (١).
ثم بيّن أنهم بنعم الله محسودون ، وعلى فضل الله محسودون ، فقال : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٢) ، والملك العظيم هو وجوب الطاعة على سائر العباد.
ثم أوجب على العباد طاعتهم بالتصريح فقال : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣) يعني الذين قرنهم بالكتاب والرسول.
ثم نهى عباده أن يتفرّقوا عنهم فقال : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) (٤) يعني عليا وعترته ، ثم قال : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) ـ يعني غيرهم ـ (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) ـ يعني : فتضل بكم عن سبيله ، فجعلهم سبيله الهادي إليه ، وطريقه الدال عليه.
ثم جعل من مال عنهم تابعا للشيطان ، ومخالفا للقرآن ، وعاصيا للرحمن ، فقال : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) وهي طريق أعدائهم.
ثم بيّن أن من اتبعهم نال الرضوان ، وفاز بالغفران ، ونجا من النيران ، فقال : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) (٥) ومعناه قفوا عند علي وعترته فهم الباب وتمسكوا بحبّهم تأمنوا العذاب ، واتبعوا سبيله فهو أم الكتاب ؛ واعلموا أن عليا مولاكم يغفر لكم خطاياكم.
ثم عدد مقاماتهم في الكتاب وعينهم بالخص والنص ؛ فقال : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٦) يعني رهطك المصطفين.
ثم خصّهم بجوامع الشرف والتفضيل والتطهير ، وهذا هو الفضل الذي لا يجحد والشرف
__________________
(١) آل عمران : ٣٣.
(٢) النساء : ٥٤.
(٣) النساء : ٥٩.
(٤) الأنعام : ١٥٣.
(٥) النساء : ١٥٤.
(٦) الشعراء : ٢١٤.