الذي لا يحد.
ثم باهل بهم الأعداء فجعلهم على إثبات دينه شهداء ، وعلى نبوّة نبيّه أدلاء ، فقال : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (١).
ثم خصهم بالمقام الخاص ، وجعلهم قنطرة الإخلاص ، ونهج النجاة والخلاص ، فقال : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (٢) وهي خصوصية خص بها الربّ الكريم فاطمة الزهراء بضعة الرؤوف الرحيم.
ثم أوجب محبتهم على العباد ، وجعلهم الذخر يوم المعاد ، فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٣).
ثم ذكر قصة نوح فقال : (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) (٤) وقال ، عن هود : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) (٥) ، وقال لمحمد صلىاللهعليهوآله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فلم يفرض لهم المودة إلّا لأنّهم نجوم الولاية ، وشموس الهداية ، لم يرتدوا عن الملة ، ولم يفارقوا الكتاب والسنّة ، لا بل هم الكتاب والسنّة ، ففرض مودّتهم وطاعتهم ، فمن أخذ بها وجب على رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يحبّه لأنّه على منهاجه ، ومن لم يأخذ بها وجب على رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يبغضه لأنّه ضيّع فريضة أمره الله والرسول بها ، لا بل هي رأس الفرض وتمام كل سنّة وفرض ، فأي شرف يعلو على هذا المقام.
ثم إنّ الله لم يبعث نبيّا إلّا وأمره أن لا يسأل أمّته أجرا على نبوّته ، بل الله يوفيه أجره ، وفرض لمحمد صلىاللهعليهوآله مودة أهل بيته عليهمالسلام ، وأمره أن يبيّن فضلهم ، فمن أخذ بهذه المودّة فهو مؤمن مخلص قد وجبت له الجنة ، نم قرن ذكر محمد بذكره في الصلاة وقرن ذكرهم بذكر نبيّه فدلّ بذاك على رفيع شرفهم ، وبيّن ذلك الصادق الأمين من قوله : اللهمّ صلّ على محمد
__________________
(١) آل عمران : ٦١.
(٢) الاسراء : ٢٦.
(٣) الشورى : ٢٣.
(٤) الشعراء : ١٠٩.
(٥) هود : ٥١.