فصل
[مناقب الصنديد الكرّار]
فيا أيّها المرتاب في فضل داحي الباب ، وأمّ الكتاب وحاكم يوم الحساب ، وولي النعيم والعذاب ، يوم المآب ، مؤمن حبّه النجاة من العقاب ، وعترته الهداة الأنجاب ، أليس هو الرجل الذي قال في حقّه النبي صلىاللهعليهوآله وقوله الحق : «من أراد أن ينظر إلى إسرافيل في رفعته ، وإلى ميكائيل في درجته ، وإلى جبرائيل في عظمته ، وإلى آدم في هيبته ، وإلى نوح في صبره ودعوته ، وإلى إبراهيم في سخاوته ، وإلى موسى في شجاعته ، وإلى عيسى في سماحته ، وإلى محمد في شرفه ومنزلته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام» (١) وهذا تنبيه ورمز إلى أنه الاسم الأعظم الجاري في كل شيء ، وأنّ كل شيء خلقه الله فإنّ عليا مولاه ومعناه ، لأنه كلمة واجب الوجود والنور المشرق في سماء الوجود والموجود ، فكل رفعة وإن علت ـ فانّها تحت درجته ، وكل منزلة ـ وإن علت ـ فهي دون منزلته ، وتحت رتبته ، فمقام الأملاك في صوامع الأفلاك ، دون منزلته وتحت رتبته ، ومقام ونور الكواكب والأقمار من إشراق شمس عظمته ، فهو العلي العظيم ، ولي العلي العظيم ، فهو عماد الأولياء ، ودعوة الأنبياء.
فرفعة إسرافيل ، وعظمة جبرائيل ، وهيبة آدم ، وكرم الخليل ، وشجاعة موسى وسماحة عيسى ، وحكمة داود ، وملك سليمان ، ذرّة من فخره وقطرة من بحره ، وكيف لا يكون كذلك؟ وهو العلّة في وجودهم ، وسرّ موجودهم ، فلولاه ما دار فلك ، ولا سبّح لله ملك ، فالنظر إليه عبادة ، والوقوف معه عبادة ، والموت على حبّه شهادة ، وموالانه سعادة ، وهو الذي قال في حقّه الرسول يوم خيبر : «لو لم أخف أن تقول أمّتي فيك ما قالت النصارى في
__________________
(١) مناقب ابن المغازلي : ٢١٢ ح ٢٥٦ ، وأمالي الشجري : ١ / ١٣٣ وغرر البهاء الضوي : ٢٩٨ وروضة الواعظين : ١٢٨.