وكنت أمرت أن أقبض فاضل سيفه حتى لا يشق الأرض فيصل الثور الحامل لها يشطره شطرين ، فتنقلب الأرض بأهلها فكان فاضل سيفه عليّ أثقل من مدائن لوط ، هذا وإسرافيل وميكائيل قد قبضا عضده في الهواء!! (١).
أقول : استعظم الجاهل هذا الحديث ، فاضل سيف علي أثقل من مدائن لوط على يد جبرائيل هذا وإسرافيل وميكائيل قد قبضا عضده في الهواء هو غلوّ.
فقلت : يا بعيد الفكرة وجامد الفطرة ، جبرائيل وميكائيل وإسرافيل خلق الله خلقوا من شعاع نور محمد وعلي ، ومحمد وعلي خلقا من جلال ذي الجلال ، فهم صفة الله وكلمة الله وأمر الله ، وخلق الله ، ولهذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لو كانت البحار مدادا والغياض أقلاما ، والسّموات صحفا ، والجن والإنس كتّابا ، لنفد المداد وكلت الثقلان ، أن يكتبوا معشار عشر فضايل إمام يوم الغدير (٢) ، وكيف يكتبون وأنّى يهتدون؟
ولقد شهد لهذا الحديث النبوي الكتاب الإلهي من قوله : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (٣) ، وأكبر كلمات الله علي ، وإليه الإشارة بقوله صلوات الله عليه : «أنا كلمة الله الكبرى» (٤) فله الفضل الذي لا يعدّ ، والمناقب التي ليس لها حدّ ، ولقد أنصف الشافعي محمد بن إدريس إذ قيل له : ما تقول في علي؟ فقال : وماذا أقول في رجل أخفى أولياؤه فضائله خوفا ، وأخفى أعداؤه فضائله حسدا ، وشاع له بين ذين ما ملأ الخافقين (٥) ، فأحببت أن أنظم هذا الحديث شعرا فقلت :
روى فضله الحساد من عظم شأنه |
|
وأكبر فضل راح يرويه حاسد |
محبّوه أخفوا فضله خيفة العدى |
|
وأخفاه بعضا حاسد ومعاند |
وشاعت له من بين ذين مناقب |
|
تجل بأن تحصى وإن عدّ قاصد |
إمام له في جبهة المجد أنجم |
|
علت فعلت أن يدن هاتيك راصد |
__________________
(١) مدينة المعاجز : ١ / ٤٢٦ ، والبحار : ٢١ / ٤٠.
(٢) بحار الأنوار : ٤٠ / ٧٣ ـ ٧٥ ، وتذكرة الخواص : ٢٣ ، والطرائف : ١ / ٢٠٨.
(٣) الكهف : ١٠٩.
(٤) روى الصدوق في الأمالي ١١ مجلس ٣ ، عن النبي : «علي كلمة الله العليا» وفي رواية : «الإمام كلمة الله» البحار ٢٥ / ١٦٩ وفي معاني الأخبار : «أنا كلمة الله التقوى».
(٥) كشف اليقين : ٤.