ولا لملكه فناء ؛ وهي الكلمة التي تخضع لذكرها الموجودات ؛ وتنفعل بسماعها الكائنات ؛ وهي مستورة بين حرفين كن فيكون. فمن تجلّى على مرآة نفسه بوارق سرّهم الخفي ؛ واسمهم العلي خرق لهم الجدران ؛ وسخرت لهم الأكوان ، وكان من أولياء الرحمن ، وأمن العذاب والهوان.
يؤيّد هذا المدعى ما رواه طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : يا طارق ، الإمام كلمة الله وحجّة الله ، ووجه الله ونور الله ، وحجاب الله ، وآية الله ، يختاره الله ، ويجعل فيه منه ما يشاء ، ويوجب له بذلك الطاعة والأمر على جميع خلقه ، فهو وليّه في سماواته وأرضه ، أخذ له بذلك العهد على جميع عباده ، فمن تقدّم عليه كفر بالله من فوق عرشه فهو يفعل ما يشاء ، وإذا شاء الله شيئا يكتب على عضده ، وتمّت كلمة ربّك صدقا وعدلا ، فهو الصدق والعدل ، ينصب له عمود من نور من الأرض إلى السماء يرى فيه أعمال العباد ، ويلبس الهيبة وعلم الضمير ، ويطلع على الغيب ويعطي التصرّف على الإطلاق ، ويرى ما بين الشرق والغرب فلا يخفى عليه شيء من عالم الملك والملكوت ، ويعطى منطق الطير عند ولايته. فهذا الذي يختاره الله لوحيه ويرتضيه لغيبه ، يؤيّده بكلمته ، ويلقنه حكمته ، ويجعل قلبه مكان مشيئته ، وينادى له بالسلطنة ويذعن له بالإمرة ، ويحكم له بالطاعة ، وذلك لان الإمامة ميراث الأنبياء ، ومنزلة الأصفياء ، وخلافة الله وخلافة رسل الله ، فهي عصمة وولاية ، وسلطنة وهداية ، لأنّها تمام الدين ، ورجح الموازين ، الإمام دليل للقاصدين ، ومنار للمهتدين ، وسبيل للسالكين ، وشمس مشرقة في قلوب العارفين. ولايته سبب النجاة ، وطاعته معرفة (١) للحياة ، وعدة بعد الممات ، وعزّ المؤمنين وشفاعة المذنبين ، ونجاة المحبّين وفوز التابعين ، لأنّها رأس الإسلام وكمال الإيمان ، ومعرفة الحدود والأحكام ، تبين الحلال من الحرام ، فهي رتبة لا ينالها إلّا من اختاره الله وقدّمه ، وولّاه وحكمه.
فالولاية هي حفظ الثغور ، وتدبير الأمور ، وهي بعدد الأيام والشهور ، الإمام الماء العذب على الظمأ ، والدال على الهدى ، المطهر من الذنوب ، المطلع على الغيوب ، فالإمام هو الشمس الطالعة على العباد بالأنوار ، فلا تناله الأيدي والأبصار.
__________________
(١) ـ في النسخة المخطوطة مفترضة.