خلعنا هيا كلنا فجادوا بلثمها |
|
فشاقهم المغنى وفاتهم المعنى |
فهم كالمنجّم الذي نقل أحكام النجوم من علماء الهيئة ؛ فهو يحدث الناس بما وعاه ولا يعقل ما رواه ؛ ممّا يحجبه النور عنه وواراه ؛ وصغره البعد في عينه وزواه ؛ فإذا قيل له : إن الأرض بأسرها غائصة تحت الماء ؛ وإن الخارج منها إنّما هو ربع الكرة ؛ ومنه المدن والقرى والأقاليم السبعة ؛ والبراري والقفار ؛ والبحار والجبال ، والخراب والعمران ؛ وإنّما المسكون جزء من هذا الربع ؛ وذلك لأن مشرق الشمس الذي هو تحت سهيل ، فإنّ الشمس لا تغيب هناك إلّا ستة أشهر والباقي نهار ، وليس هناك نبات ولا حيوان ؛ إلّا صخور محترقة من حرّ الشمس. وبعد الشمس عن الأرض هناك مائة ألف فرسخ وأربعة وعشرون ألف فرسخ ، وكذا ما يقابله تحت الجدي من ناحية المغرب فإنّ الزمان هناك ليل إلّا قليل ترى فيه الشمس عند صعودها في برج السرطان ، وهناك لا حيوان ولا نبات وتلك هي بلاد الظلمات ، وهذه الأرض أكثرها جبال وصخور وغيرهما ، ثم إن الأرض بأسرها ؛ من مشرقها إلى مغربها ؛ بر وبحر في ضمن فلك القمر كالخردلة في البر ؛ وإن رقعة القمر بقدر مجموع الأرض ٣٣ مرة ؛ ولذلك يراه الإنسان أين كان ، وإن فلك القمر بالنسبة إلى فلك الشمس الذي هو تحت السلطنة كالقطرة في البحر ، ثم إن السّموات والأرض كالحلقة في الفلاة ، وإن الفرس الجواد إذا كان في أشد الطرد فإنّه بقدر ما يضع حافره على الأرض ويرفعه تسير الشمس خمسمائة فرسخ (١) وإن قرص الشمس بقدر مجموع الأرض ٦٦ مرّة (٢) وإن الأرض مساحة سطحها في علم الهيئة عشرون ألف ألف وثلثمائة ألف وستون ألف فرسخ ، وإن كل فرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف ذراع ، وإن النجم الذي يقال له السهى ، وهو نجم خفي لا يرى إلّا في الظلمة لذوي الأبصار السليمة ، وإنه مع خفائه بقدر مجموع الأرض ١٨ مرّة (٣) فهناك يدهش عند سماع هذا وينكره ، ومن جهل شيئا أنكره ، وكذا من عرف أن نسبة السّموات والأرض والأفلاك في عظمة صاحب : لولاك ، نسبة لا شيء إلى شيء لأن الجزء لا
__________________
(١) ـ يقول علم الفلك الحديث ان الشمس ثابتة ، والأرض هي المتحرّكة.
(٢) ـ قدّرت سعة الشمس في العلوم الجديدة بأكثر من الأرض مقدار مليون وثلثمائة ألف مرّة.
(٣) ـ في القسم ١٥ مرة وليس في علم الفلك الآن أحكام ثابتة عن مقدار السهى حتى نضع المقارنة.