فصل
[السؤال عن علي عليهالسلام في القبر]
ثم أخبر نبيّه أن حب علي هو المسؤول عنه في القبر فقال : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (١) يعني يوم القيامة وفي القبر ، ثم رفع نبيّه إلى المقام الأسنى ، وهو قاب قوسين أو أدنى ، فخاطبه بلسان علي ثم أمره أن يرفع عليا فوق كتفه ، فقال في خطبة الفخار : أنا الواقف على التطنجين ، قال المفسّرون : هي الدنيا والآخرة ، أي أنا العالم بهما ، وقيل : المشرق والمغرب ، وأنا المحيط بعلم ما بينهما ، وقيل : الجنة والنار ، وأنا القاسم لهما ، وقيل : لا بل هو إشارة إلى ارتفاعه فوق كتف رفيع المقام ، وليس فوق هذا المقام إلّا ذات الملك العلام ، فأي رفعة فوق هذا؟ وأي مقام أعلى من هذا؟ لأن الله رفع رسوله حتى جاوز عالم الأفلاك والأملاك ، وعالم الملك والملكوت ، وعالم الجبروت ، ووصل إلى عالم اللاهوت ١٨ ، وأمير المؤمنين عليهالسلام ارتقى على كتفي صاحب هذا المقام.
فصل
ثم أمر رسوله بالتبليغ البليغ فيه ، فقال : (بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) ثم أكّد ذاك بالتهديد ، فقال : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (٢) لكنّك بلّغت فأنت فاعل ، فقد بلّغ فما معناه؟ هذا رمز يدلّ على شرف الولاية وأنه لا قبول للأعمال ، قلت أم جلت إلّا بها ، والمراد أنهم إن لم يؤمنوا بعلي فلا ينفعهم إسلامهم ، فكأن الرسالة لم تبلغهم ، فعلم أنه من لم يؤمن بعلي لم يؤمن بمحمد ، ومن لم يؤمن بمحمد لم يؤمن بالله ، لأنّ الإقرار بالولاية يستلزم الإقرار بالنبوّة ، والإقرار بالنبوّة يستلزم الإقرار بالتوحيد ، وكذا إنكار الولاية يستلزم إنكار النبوّة ، وإنكار التوحيد ؛ لتوقف الاثنين على الولاية.
__________________
(١) ـ الزخرف : ٤٤.
(٢) ـ المائدة : ٦٧.