فصل
[عقيدتنا في الإمامة]
وكل ما يجب اعتقاده من فصول التوحيد ونبوّة محمد صلىاللهعليهوآله يجب اعتقاده في باب الإمامة ، لأنّ القول في الإمامة كالقول في التوحيد والنبوّة ، لأن الإمامة جامعة للتوحيد والنبوة ، فمن أنكر شيئا ممّا يوجب عليه إثباته من باب التوحيد فليس بمؤمن ، وكذا من أنكر شيئا ممّا وجب عليه إثباته في باب الإمامة فليس بموال ، لأن إنكار الجزء من الواجب كإنكار الكل ، فما لنا [نأخذ] طرفا من خصائص العصمة ، وسندها عن المعصوم ، الذي يجب تصديقه فيما صح نقله عنه ، ثم نصدق بعضها وننكر بعضها ، بغير مرجع فنصدق ما أدركته عقولنا ، وننكر ما غاب عنّا معرفته.
ثم نقول لقصور أفهامنا عن إدراك ذلك ، يكفينا في باب الإمامة أن نعرف أن الإمام معصوم مفترض الطاعة ، فهلا كفانا هذا في باب التوحيد أن نعرف وجوب الوجود للحق سبحانه وتعالى ، ولا نحتاج في باقي الصفات ، وكيف لم يجز هذا في باب التوحيد؟ ويجوز في الإمامة ، ونقول في الدعاء المنقول عنهم عليهمالسلام «اللهمّ إني أدينك بدينهم وولايتهم والرضى بما فضلتهم به ، غير منكر ولا مستكبر» (١).
والتفضيل هنا ليس هو القدر الذي به الاشتراك من النبوّة والولاية بينهم وبين من تقدّم من الأنبياء والأولياء ، ولكنّه الأمر الذي لم يختص به سواهم مما بهر عيون العقول فأعماها ، ورمى مقاتل الأفهام فأصماها ، ثم إذا تليت علينا آيات فضلهم بما لا تناله أيدي أفهامنا أنكرنا واستكبرنا ، فنحن إذا مع تعبّدنا بأقوالهم مع تخالج الشكوك في اعتقادها نتعبّد بما لا نعرف ، أو بما لا نعتقد ، والتعبّد بغير المعرفة ضلال ، وبغير الاعتقاد وبال ، لأن من استكبر فقد أنكر ، ومن أنكر لم يرض ، ومن لم يرض لم يطع ، ومن لم يطع لم يوال ، ومن لم يوال لا
__________________
(١) بحار الأنوار : ٨٦ / ٩ ح ٨ ولا يوجد فيه : بدينهم بل : بطاعتهم.