دين له ، ومن لا دين له فهو كافر ، فمن أنكر من لوازم الإمامة وأسرارها ما يجب على المولى المطلق إثباته ممّا وردت به النصوص عنهم ولو حرفا واحدا فهو كافر.
فصل
[معنى الإمامة وجنسها]
وبيان المدعى أنّا نقول في تعريف الإمامة وبيان جنسها وفصولها : الإمامة رئاسة عامة.
هذا جنس يقتضي فصولا أربعة : التقدّم ، والعلم ، والقدرة ، والحكم ؛ وإذا انتقصت هذه الفصول انتقص الجنس ، فلا تعريف ، إذا فلا معرفة ، فلا رياسة عامة فلا إمامة ، وهي رياسة عامة ، فالولي هو المتقدّم العام الحاكم المتصرّف على الإطلاق بالنسبة إلى الخلق.
أما تقدّمه فلأن الولاية هي العلّة الغائية في كمال الأصول والفروع ، والمعقول والمشروع ، فلها التقدّم بالفرض والتأخّر بالحكم ، لأن الولي المطلق هنا هو الإنسان الذي يلبسه الله خلعة الجمال والكمال ، ويجعل قلبه مكان مشيئته وعلمه ، ويلبسه قباء التصرّف والحكم ، فهو الأمر الإلهي في العالم البشري ، فهو كالشمس المنيرة التي جعل الله فيها قوّة النور والحياة ، والإشراق والإحراق ، فهي الضوء لأهل الدقور (١) ، وإليه الإشارة بقولهم : «الحق مقاماتك وآياتك وعلاماتك ، لا فرق بينها وبينك» (٢).
التأنيث في الضمير راجع إلى ذواتهم التي هي صفات الحق والجمال المطلق ، وقوله : «إلّا أنّهم عبادك» (٣) ، الضمير هنا عائد إلى أجسادهم المقدّسة ، وهياكلهم المعصومة المطهّرة التي هي وعاء الأمر الإلهي ، وجمال النور القدسي. وسبب الفرق والنفي موجب لثبات خواص الربوبية لهم ، لأن الربّ القديم جل جلاله حكم عدل نافذ الحكم ، غني عن الظلم ، لا يتوهّم ولايتهم ، والولي المطلق كذلك.
وهذه الصفات كلية ، والكلي لا يمنع من وقوع الشركة ، لأنه مقول على كثيرين مختلفين
__________________
(١) كذا بالأصل.
(٢) البحار : ٩٥ / ٣٩٣ ، والإنسان الكامل : ١٢٨.
(٣) إقبال الأعمال : ٣ / ٢١٤.