فصل
يؤيّد هذا المدعى والشاهد قوله سبحانه : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، وقوله : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (١) ، قال : فيها يقدر الله ما يكون من الحق والباطل في تلك السنة ، وله فيها المبدأ والمشية ، يعني النسخ يقدم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، من الأعمار والأرزاق والبلايا ، ثم يوحيها إلى الروح الأمين ، فينزل بها إلى الرسول ثم يلتفت الرسول إلى أمير المؤمنين ثم إلى الأوصياء حتى ينتهي إلى صاحب الأمر والزمان ويشترك له فيها البداية والمشية ، لأن حكمه حكم الله ، ومقامه مقامه ، فهو مالك ومملوك ، لأنّه سيد الخلق وعبد الحق ، وليلة القدر باقية والحجة باقية ، وأمر ليلة القدر في كل سنة ينتهي إليه ، لأن ما دامت الدنيا باقية فليلة القدر باقية لا تزول ، والمشية والحكم الإلهي لا يزول ، والولي باق لا يزول ، ووصول الغيب إليه باق لا يزول ، ولا يزول ، صدق القرآن ودوام حكم الرحمن ، وهذا مقام الولي المطلق.
وعن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال له : يا مفضل من زعم أن الإمام من آل محمد يغرب (٢) عنه شيء من الأمر المختوم يعني ممّا كتب العلم على اللوح ، فقد كفر بما نزل على محمد ، وإنّا لنشهد أعمالكم ولا يخفى علينا شيء من أمركم ، وإن أعمالكم لتعرض علينا (٣).
وإذا كانت الروح وارتاض البدن أشرقت أنوارها ، وظهرت أسرارها ، وأدركت عالم الغيب ، ولا ينكر هذا إلّا الجاهل البليد فكيف تنكر أنت إحاطة روح الأرواح بعالم الغيب؟ وإذا قيل لك : إنّ عليا يعلم الغيب ، وإذ كان الفضل بالعلم والسبق ، وكان في العباد من هو أسبق ، من آل محمد إلى العلم بأعمال العباد ، فهو أفضل من آل محمد صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) الدخان : ٤.
(٢) في البحار : ٢٥ / ١٧٥ ح ١ : «الإمام لا يعزب عنه شيء».
(٣) راجع أمالي المفيد : ١٩٦ مجلس ٢٣ وتفسير القمّي : ١ / ٢٧٧.