فصل
[عرض الأعمال على آل محمد عليهمالسلام] (١)
المؤمن من الشيعة منهم من يرى أن الأعمال تعرض على النبي والولي ، ومنهم من لا يرى ذلك ، ومنهم من يرى أنّها تعرض على الولي دون النبي ، وتلك خاصة خصّ الله بها وليّه ، ومنهم من يرى أنه يشهدها ويعلمها ، وهذا مقام التحقيق لا مقام التقليد ، فنقول للمعتقد : الأعمال تعرض على النبي والولي ، ثم ترفع إلى حضرة الرب العلي ، ومع عرضها فإن كان الإمام لا يعلمها إلّا بعد العرض ؛ فما الفرق بين الإمام والمأموم؟ بل يكون في الرعية من هو أعلم منه ، فأين الإمامة التي تعريفها أنّها رياسة عامة؟ وأين عمومها إذن؟
وإن كان يعلمها قبل العرض فما الفائدة في عرض ما يعلمه؟ وكذا القول في رفع الأعمال إلى حضرة الربوبية ، فإن كان الرب لا يعلمها إلّا إذا رفعت إليه ، كان العبد أعلم من الربّ وهو محال ، لأن الرب سبحانه عالم بأعمال عباده ، ومحيط بها وحافظ لها وقيوم عليها ، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ، ولا في السماء ، فما الفائدة إذا في عرض ما الله ورسوله ووليّه أعلم به؟
والجواب عنه : أن الفائدة في عرضها على الله أن كثرة الأعوان تدلّ على عظمة السلطان.
__________________
(١) عن علي بن موسى الرضا عليهالسلام قال لمن سأله أن يدعو له : «أولست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة» (أصول الكافي : ١ / ٢١٩ عرض الأعمال على النبي ح ٤).
وعن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام : «تعرض الأعمال على رسول الله صلىاللهعليهوآله كل صباح».
وفي رواية : «(اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) قال عليهالسلام : هم الأئمة» (أصول الكافي : ١ / ٢١٩ عرض الأعمال على النبي ح ٢ ـ ١).
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي ذر أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
«عرضت علي أعمال أمتي ـ حسنها وسيئها ـ فوجدت محاسن أعمالهم» (الأدب المفرد : ٨٠ ح ٢٣١ باب إماطة الأذى).
وأخرج الحارث والبزار عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : «حياتي خير لكم تحدثون ونحدث لكم وموتي خير لكم تعرض علي أعمالكم» (المطالب العالية : ٤ / ٢٢ ح ٣٨٥٣).