قوله : حتى يردا على الحوض شريد وطريد ، لأن الكتاب يعرّف الأمة فضل الأئمة ووجوب طاعتهم ، والعترة تشهد للكتاب بأنه الحق ، فالكتاب نبذ وحرّف وترك ، والعترة قتلوا وشرّدوا وطردوا فهما صاحبان شريدان طريدان لا يأويهما أحد ، ولم يسترشد بهما ضالّ حتى يردا الحوض شاكيين إلى الله ورسوله ، فكلّما يجب من التصديق للكتاب يجب للعترة ، وفي الكتاب علم كل شيء ، وبيان كل شيء ، وكذا يجب أن يكون عند العترة لأنهم تراجمة القرآن ، وسرّ غيب الرحمن ، فعندهم علم كل شيء وإلّا لما كانا حبلين متصلين ، ولما قال : «كهاتين» ، وقرن إحدى إصبعيه إلى الأخرى ، ثم بيّن أن علم القرآن عندهم وأنهم مساوين للكتاب في الشرف والطاعة ، فقال : «ولا أقول كهاتين فأفضّل هذه على الأخرى» ، فمن آمن بكل الكتاب وأنكر حرفا منه لم يكن مؤمنا لأن اللازم له في الاعتقاد تصديق الكل ، أو إنكار الكل ، لكن إنكار الكل كفر ، وتصديق الكل إيمان.
فصل
وكذا القول في العترة فمن أنكر حرفا من أقوالهم أو ردّ حديثا من أحاديثهم أو شك في شيء من أمرهم أو استعظم حديثا من سرائرهم ، فقد أنكر الكل ، فبان بهذه البراهين الموجبة لحق اليقين أن عليا حاكم يوم الدين ، ومالك يوم الدين (١) ، وولي يوم الدين ، بأمر ربّ العالمين.
__________________
خطبة الرسول في حجة الوداع ، والدر المنثور ٢ : ٦٠ مورد آية (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) آل عمران ١٠٣ وج ٦ : ٧ ـ ٣٠٦ ، وتفسير الرازي ٨ : ١٦٢ مورد آية (وَاعْتَصِمُوا) ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٢ ذيل خلافة علي ٧ ، وكنز العمال : ١ / ١٧٢ ح ٨٧٠ و ٣٧٩ ح ١٦٥٠ ، و ٣٨٤ ح ١٦٦٧ وما بعدهم ـ باب الاعتصام بالكتاب والسنة ـ ، وبحار الأنوار : ٣٦ / ٣٣١ ـ ٣٣٨ ـ ٣٧٣ ، وكفاية الأثر : ٨٧ ـ ٩١ ـ ١٢٨ ـ ١٣٧ ـ ١٦٣ ـ ٢٦١).
(١) سوف يأتي توضيحه من المصنّف في الفصل ما بعد اللاحق. وكذلك في ما بعد لاحق اللاحق.